قال المرحوم الكفعمي في المصباح : «بأنّها تعني من وُكِلَتْ إليه جميع أمورنا» (١). وما قاله البعض في تفسيرها بتكفُّل الرزق هو في الواقع تبيان مصداقٍ واحدٍ ، وإلّا فهي ليست محدودة بالرزق فقط.
يقول الزبيدي في تاج العروس في شرح القاموس : (التوكُّل) هو إظهار العجز والإتّكاء على الغير ، هذا من حيث اللغة ، وأمّا عند أصحاب الحقيقة ، فهو الأعتماد على ما عند الله واليأس ممّا في أيدي النّاس ، «المتوكّل على الله» يُطلق على من يعتقد بأنّ الله يكفيه رزقه وجميع أموره ، يتكّل على الله وحده لا على غيره (٢).
يُستنتج من الآيات القرآنية بوضوح أن توكّل المؤمنين على الله وحده من شؤون التوحيد ، لأنّ كلّ شيءٍ وكلَّ أمرٍ يرجع إليه ، كما ورد في قوله تعالى : (وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعْبُدهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيهِ). (هود / ١٢٣)
وكذا في قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُونَ). (إبراهيم / ١٢)
لِمَ لا نتوكّل عليه ونعتمد عليه في جميع أمورنا وهو العزيز الرحيم!؟ قال تعالى : (وَتَوَكَّل عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ). (الشعراء / ٢١٧)
إنّ البلاغ الذي تعطينا إيّاه هذه الصفة الإلهيّة هو أنّها توصينا بعدم الضياع في عالم الماديّات وعدم الإنخداع بالقدرات الماديّة الظاهريّة ، وعدم الاعتماد والإتّكال على المخلوقات الضعيفة العاجزة ، بل التوكُّل فقط على الذات الإلهيّة المقدّسة ، والإستعانة به سبحانه فقط والوثوق به والخضوع لحضرته جلّ وعلا فقط.
ومن جهةٍ اخرى علينا أن نسعى ونبذل ما في وسْعنا لنكون عوناً للآخرين من باب التخلّق بأخلاق الله ، ونحاول حل مشاكلهم تقرّباً إلى الله تعالى.
وقد ورد في حديثٍ عن الإمام علي عليهالسلام أنّه قال : «التوكُّل على الله نجاة من كُلّ سوء وحرزٌ من كُلّ عدو» (٣).
__________________
(١) مصباح الكفعمي ، ص ٣٢٦.
(٢) تاج العروس ، مادّة (وكل).
(٣) بحار الأنوار ، ج ٧٥ ، ص ٧٩ ، باب ما جُمع من جوامع الكلم ، ح ٥٦ ،.