بني اسرائيل ، فدُهشَ جماعة من الأفراد ذوي النظرة الظاهرية ، من هذا المشهد بحيث قالوا : (يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِىَ قَارُونُ). (القصص / ٧٩)
ولكن في اليوم التالي الذي خُسفت فيه الأرض بقارون وأمواله وتبيّن بأنّ من وراء ذلك الجمال الظاهري قبحٌ باطني وعقوبة أليمة ، قالوا مستوحشين : (لَوْلَا أَن مِّنَّ اللهُ عَلَينَا لَخَسَفَ بِنَا). (القصص / ٨٢)
علاوة على ما تحمله هذه القصّة من التجليات التربويّة فإنّها تُشير إلى هذه المسألة وهي : استحالة إمكانية القضاء بشأن أمرٍ معينٍ خيراً كان أو شرّاً على أساس ظواهر الأمور.
فأحياناً ما يراه الإنسان خيراً في الظاهر فانّه شرٌفي باطنه بحيث لو عرف نتائجه لولى منه فراراً. ومن قبيل هذه الحوادث تُعَدّ الأرضيّات المنطقية للجواب الإجمالي على الأسئلة المطروحة في داخل روح الإنسان.
٥ ـ في المسائل المتعلّقة بالوصيّة في القرآن الكريم ، بعد أن أشار تعالى إلى إرث الطبقة الأولى (الأبناء والوالديْن) قال : (آبَائُكُمْ وَأَبْنَائُكُمْ لَاتَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقرَبُ لَكُم نَفعاً). (النساء / ١١)
مع كون الأب والأم والولد اقرب إلى الإنسان ممن سواهم ، ويقضي أغلب سنين عمره معهم ، إلّاأنّ القرآن يقول : أنتم لا تدرون أيّاً من آبائكم وأبنائكم أقرب لكم نفعاً ، وأيّهم صاحب الدور في حياتكم ، لذا لم يوكل أمر تعيين حصّة الارث إليكم.
فالإنسان الذي لا تسمح له محدودية علمه في أن يحكم حكماً قطعياً في مثل هذه المسائل كيف يُمكنه أن يحكم سَلفاً على حدَثٍ ينتج عنه الألم في الظاهر بأنّها مسألة غير موزونة في عالم الخلق؟
خلاصة الكلام هو أنّ الأدلّة العقلية بل والآيات القرآنيه أيضاً تدل بوضوح على هذا الجواب الإجمالي الكلّي حول الأسئلة المطروحة أعلاه ، وعلى الأقل إنّها قد منعت الإنسان من القضاء القطعي بشأن الأمور ، وحثّته على التريُّث والتفكُّر بصورة أكثر.
* * *