قادة السيارات والحيلولة دون سقوطهم في المزالق.
وقسم من المصائب بمثابة المطبّات في طريق حياة الإنسان التي تهز كيانه بقوّة لتمنعه من نوم الغفلة الذي يؤدّي إلى هلاكه.
ويُمكن أن يصدُق هذا الكلام بخصوص الإنسان ، أو مجتمع معين ، أو جميع المجتمعات البشريّة ، ويُعطي فلسفة قيّمة لقسم من حوادث الحياة الأليمة.
ولقد وصل الإنسان اليوم ، في ظل التقدم الصناعي ، إلى درجة من القدرة بحيث سخّر السماء والأرض وكشفت أجهزته الفضائية الستر عن أسرار أبعد سيّارات المنظومة الشمسيّة أيضاً ، وحصل منها على أخبار عجيبة مذهلة.
وضجّت أصداء العقول الألكترونية ، بحيث صار تركيب أعضاء الإنسان عملاً بسيطاً.
ويُحتمل أن تؤدّي مجموعة هذه الظواهر إلى اغترار الكثير من العلماء ، لكنهم عندما يَرون بقاء مرض السرطان يفتك بالناس بالرغم من كثافة جهود آلاف بل ملايين العلماء المبذولة على مدى التاريخ ، أو مرض (الأيدز) الحديث الظهور الذي ينشأ من مكروب أو فيروس صغير جدّاً وقد حيّر الجميع وأرعبهم ـ والجدير بالاشارة إلى أنّ هذا المرض يأخذ قرابين من الدول الصناعية المتقدمة أكثر من غيرها ـ سيتعّرضون لهزّه فكريّة عنيفة ، وسينتبهون لحظة إلى ضعف وعجز هذا الإنسان القوي مقابل عظمة الكون وخالقه.
ولا يُمكن إنكار أَنّ قِسْماً عظيماً من سكّان العالم لايعتبرون من هذه الحوادث أبداً ، ولا يعيرون لها اهتماماً ، بل يستمرون في مواصلة سلوكهم المنحرف ، ويبقون منغمسين في عالَم الخيال ، ولكن من المُسَلَّم أن قِسْماً منهم يعتبرون بها ويتوجهون إلى إصلاح أنفسهم. وهذه فلسفة مهمّة جديرة بالملاحظة.
ولا يلتبس الأمر عليك فإنّنا لا نقصد بأنّ جميع المصائب والحوادث الأليمة من هذا القبيل ، ولا نُقر بوجوب الاستسلام أمام الحوادث والتقاعُس عن مكافحة المشاكل والمصائب ، بل نقول : إنّ قِسْماً من الحوادث مُرّة لدرجة بحيث إنّ الإنسان لا يستطيع التكهُّن بها ولا يستطيع مواجهتها ، وقسم من هذا النوع يدخل في موضوع بحثنا وفي زمرة المصائب الموقظة والحوادث الأليمة المنبّهة.