لمسلمي صدر الإسلام ، ففي ذلك اليوم الذي هجم جيش الأحزاب الجرّار على المدينة من الأعلى والأسفل ، وحاصر جمع المسلمين القليلين عدداً ، وزاد الطين بلّة إشاعات منافقي الداخل ، فتعقدّت الأمور من كل ناحية ، إلى الحد الذي قال القرآن في وصفه : (وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ). (الأحزاب / ١٠)
يقول القرآن : إنّ هذه المصيبة والعاصفة الشديدة التي زلزلت جماعة من المؤمنين كانت مظهراً من الإمتحان الإلهي ... ، وهذه الآية تأكيد آخر على ما ذكرناه.
* * *
يُلاحظ في الروايات الإسلامية أيضاً وجود إشارات واضحة إلى هذه الحقيقة ، وهي كون قسم من المصائب والبلايا ذات صيغة إمتحانية :
١ ـ ورد في الحديث الذي نقلناه سابقاً بمناسبة اخرى عن على عليهالسلام : (إنّ البلاء للظالم أدب ، وللمؤمن امتحان) (١).
٢ ـ قال الإمام علي عليهالسلام في إحدى خُطبه في وصف الأنبياء : (قد اختبرهم الله بالمخمصة وابتلاهم بالمجهَدَة وامتحنهم بالمخاوف ، ومحضهم بالمكاره) (٢).
٣ ـ وذكر عليهالسلام من قبيل هذا الكلام بالنسبة لعامة الناس بتعابير اخرى في نفس الخطبة : «ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ويتعبّدهم بأنواع المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره» (٣).
* * *
__________________
(١) بحارالأنوار ، ج ٦٤ ، ص ٢٣٥ ، ح ٥٤.
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢ (القاصعة).
(٣) المصدر السابق.