الصَّابِرِينَ). (البقرة / ١٥٥)
ذكرت هذه الآية خمسة أنواع من مصائب ومشاكل الحياة كخمس موادٍّ من مواد الامتحان الإلهي ، ففي المقدّمة يأتي (الخوف) ، والذي هو أهم من الجميع ، ثم (الجوع) : ثم (نقصٍ من الأموال) ثم (الأنفس) ثم (الثمرات).
ويجدر التذكير إلى كون ذيل الآية يدل على أنّ هذا الإبتلاء يرفع من مستوى قوّة مقاومة تحمُّل الإنسان ، ويزيده صلابةً وهو يمرّ بهذه الحالات العصيبة (يجدر الإنتباه إلى أنّ تعبير (نقص الثمرات) قد فُسّرَ بمعنى فقد الأولاد الذين هم ثمرات قلب الإنسان ، ويُمكن أن يكون ذا تفسيرٍ واسع يشمل كلا المعنييْن ، وكذلك فُسّرَ (نقص الأنفس) بمعنى المرض أيضاً).
وفي الحقيقة إنّ من أهم مواهب الحياة هي : الأمْن والأنفس والأموال ومنابع الإنتاج ، والله سبحانه وتعالى يمتحن الإنسان بواسطة الآفات التي تُصيب هذه الأمور ليتضح مقدار صبره وتحمّله.
والتعبير بكلمة (شيء) يُعدُّ شاهداً حيّاً على هذا المعنى وهو عدم كون جميع حالات الخوف والجوع ونقص الأنفس ذات صيغة إمتحانية إلهيّة ، بل إنّ قسماً منها فقط من هذا النوع ، ومن المسلّم به أنّ الابتلاء لا يشمل أبداً المصائب الذاتية والناشئة من الجهل والتقاعُس والتهاون ، وهذه الآية يجب أن لا يتخذها البعض حُجّةً لترك الجهاد والسعي ، والتوجُّه إلى الكسل والخمول.
٣ ـ (وَأَمَّا إِذَا مَا ابتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيهِ رِزقَهُ فَيَقُولُ رَبِّى أَهَانَنِ). (الفجر / ١٦)
من المُسلَّم به أنّ هذه الآية تخص الذين يُبدون ضعفاً وخمولاً في ساحة الإمتحان وبمستوىً من ضيق التحمَّل ، بحيث إذا نزلت عليهم نعمةٌ أصابهم الغرور ، وبمجرّد أن تصيبهم مصيبة معينة يأخذهم اليأس والقنوط ، ولكن على أيّة حال ، تعتبر هذه الآية دليلاً واضحاً على كون قسم من مشاكل الحياة ذات فلسفة إمتحانية.
٤ ـ (هُنَالِكَ ابتُلِىَ المُؤمِنُونَ وَزُلزِلُوا زِلزَالاً شَدِيداً). (الأحزاب / ١١)
تشير هذه الآية إلى واقعة الأحزاب التي كانت واحدةً من أعظم ميادين الإمتحان الإلهي