تمهيد :
هناك ثلاث مسائل تعترضنا لدى البحث عن معرفة الله سبحانه وتعالى وهي : «البحث عن ذات الله» و «إدراك وجود الله» و «معرفة الله».
فـ (البحث عن ذات الله) يشير إلى دوافع معرفة الله.
و (ادراك وجود الله) يشير إلى مسألة إثبات وجود الله.
و (معرفة الله) يعني البحث عن صفاته عزوجل.
وكمثالٍ بسيط فإنّه يُمكن تشبيه البشر بالعطاشى الذين يبحثون عن الماء في الصحراء ، فبعد أن يعثروا على عين الماء فإنّهم يحاولون التعرُّف على صفات ذلك الماء الصافي.
«البحث عن ذات الله» : أمرٌ فطري تدعمه وتقويه الدلائل العقلية ، فكما أنّ العطاشى ينطلقون للبحث عن الماء بدافعٍ غريزي وآخر عقليِّ نابعٍ من استدلالهم على توقف حياتهم على شرب الماء ، فكذلك الإنسان يبحث عن الكمال المطلق المتمثل بذات الباري سبحانه وتعالى ، وذلك لأنّه «أي الإنسان» مجبول على عشق الكمال.
وكذلك بالنسبة إلى «إدراك وجود الله» ، فإنّه بسبب دلائله الواضحة ، وبالأخص الدلائل النابعة من التفكُر بأسرار الخلق ، فليس بالأمر العسير أو المعقد.
أمّا العسير والمعقّد فهو «معرفة الله «، لأنّ نفس مخلوقات الطبيعة التي تُعد أفضل دليلٍ ومرشدٍ للإنسان في مسير إدراك وجود الله ، يُمكنُها أن تخدعه في سلوكه إلى (معرفة الله) ، وتجرّه إلى هاوية القياس والتشبيه الخطرة (كما سيأتي شرح ذلك فيما بعد).
ينبغي الإشارة إلى هذه النقطة أيضاً ، وهي : أنّ صفات الله هي عين ذاته غير متناهية وأسماؤهُ التي توضّح صفاته لا تُعد ولا تحصى أيضاً ، لأنّ كل اسمٍ من أسمائه عزوجل يدلّ