ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٦٣) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ) (٦٤)
تلك هي قصة نوح مع قومه كما وردت في هذه السورة ، وقد وردت بصورة أكثر تفصيلا في سورة هود ، والمؤمنون ، ونوح وغيرها.
وقوله : (لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) جواب قسم محذوف ، أى : والله لقد أرسلنا نوحا إلى قومه والدليل على هذا القسم وجود لامه في بدء الجملة.
قال الآلوسى : «واطرد استعمال هذه اللام مع قد في الماضي ـ على ما قال الزمخشري ـ وقل الاكتفاء بها وحدها. والسر في ذلك أن الجملة القسمية لا تساق إلا تأكيدا للجملة المقسم عليها التي هي جوابها ، فكانت مظنة لتوقع المخاطب حصول المقسم عليه ، لأن القسم دل على الاهتمام فناسب ذلك إدخال قد» (١).
وينتهى نسب نوح ـ عليهالسلام ـ إلى شيث بن آدم ـ عليهالسلام ـ وقد ذكر نوح في القرآن في ثلاث وأربعين موضعا.
وقوم الرجل أقرباؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد. وقد يقيم الرجل بين الأجانب فيسميهم قومه مجازا للمجاورة.
وكان قوم نوح يعبدون الأصنام فأرسل الله إليهم نوحا ليدلهم على طريق الرشاد.
قال ابن كثير : قال عبد الله بن عباس وغير واحد من علماء التفسير : كان أول ما عبدت الأصنام أن قوما صالحين ماتوا ، فبنى قومهم عليهم مساجد ، وصوروا صور أولئك الصالحين فيها ليتذكروا حالهم وعبادتهم فيتشبهوا بهم ، فلما طال الزمان جعلوا أجسادا على تلك الصور ، فلما تمادى الزمان عبدوا تلك الأصنام وسموها بأسماء أولئك الصالحين : ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا فلما تفاقم الأمر بعث الله ـ تعالى ـ رسوله نوحا فأمرهم بعبادة الله وحده لا شريك له» (٢).
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٨ ص ١٤٨.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٣٢.