وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (١٦)
والمعنى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين ـ على سبيل التوبيخ والتنبيه ـ من الذي يملك السموات والأرض وما فيهما من إنس وجن وحيوان ونبات وغير ذلك من المخلوقات ، إن الإجابة الصحيحة التي يعترفون بها ولا يستطيعون إنكارها أن جميع المخلوقات لله رب العالمين. قال ـ تعالى ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) فالمقصود بالاستفهام تبكيتهم على عنادهم ، وتنبيههم إلى ضلالهم لعلهم يثوبون إلى رشدهم.
قال الإمام الرازي : وقوله : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) سؤال ، وقوله (قُلْ لِلَّهِ) جواب. فقد أمره الله ـ تعالى ـ بالسؤال أولا ثم بالجواب ثانيا ، وهذا إنما يحسن في الموضع الذي يكون الجواب قد بلغ في الظهور إلى حيث لا يقدر على إنكاره منكر ، ولا يقدر على دفعه دافع ، وهنا كذلك لأن القوم كانوا معترفين بأن العالم كله لله وتحت تصرفه وقهره وقدرته» (١).
ثم قال ـ تعالى ـ (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) أى : أوجب ـ سبحانه ـ على نفسه رحمته التي وسعت كل شيء والتي من مظاهرها أنه منح خيره ونعمه في الدنيا للطائعين والعصاة ، وأنه سيحاسبهم يوم القيامة على أعمالهم فيجازى الذين أساءوا بما عملوا ويجازى الذين أحسنوا بالحسنى.
وفي الصحيحين عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله لما خلق الخلق كتب كتابا عنده فوق العرش ، إن رحمتي تغلب غضبى».
وجملة ، ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ، يرى بعض العلماء أنها جواب لقسم محذوف
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٤ ص ١٤.