هذا القول صاحب الكفاية (١) تبعا للشريف الرضي (٢) على ما نسب إليه كما نسب إليه القول الأوّل وهما على طرفي نقيض.
وقد أشكل على الآخوند قدسسره (٣) بأنّه لو اتّحد المعنى الاسمي والحرفي لصحّ استعمال أحدهما في مقام استعمال الآخر ، فيكون قولنا : سرت ابتداء البصرة بدلا عن سرت من البصرة ، كما يكون قولنا : من البصرة حسن بدلا عن قولنا : ابتداؤها حسن ، وبطلانهما في لغة العرب بل وغيرها من اللغات غير محتاج إلى بيان.
وقد أجاب الآخوند (٤) عن ذلك بعبارة تحتمل أوجها :
الأوّل : أنّ الواضع قد اشترط أن يكون استعمال لفظ الابتداء عند إرادة المعنى الاستقلالي ولفظ «من» عند إرادة المعنى الآلي ، فأشكل عليه النائيني قدسسره (٥) بأنّ شرط الواضع لا يجب الالتزام به أوّلا ، وثانيا إنّ مخالفة شرط الواضع لا توجب سوى الإثم على تقدير كون شرطه واجب الالتزام ، ولا يصحّ استعمال أحدهما في موضع الآخر ولو خولف ألف شرط وتحمّل ألف إثم.
الثاني : أن يكون مراد الآخوند بعبارته : أنّ المعنى واحد بحسب الجنس وإن تحصّص الابتداء الاستقلالي بلفظ الابتداء والآلي بلفظ «من» فالمعنى واحد جنسا ولكنّه متحصّص إلى حصّتين لكلّ حصّة لفظ خاصّ ، نظير زيد وعمرو فإنّهما مشتركان في كون جنسهما واحدا وإن تحصّص كلّ منهما بحصّة منه غير حصّة الآخر.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٦.
(٢) شرح الكافية ١ : ١٠.
(٣) كفاية الاصول : ٢٦.
(٤) كفاية الاصول : ٢٧.
(٥) أجود التقريرات ١ : ٢٣.