المعنى الاسمي جزئيا فهو منقسم إلى حالات غير متناهية ، كما في انقسام زيد إلى الصحيح والمريض ، الأسود والأبيض ، الطويل والقصير ، الصغير والكبير ، النائم والقاعد ، الماشي والقائم ، المسافر والحاضر إلى غير ذلك من حالاته التي يمكن أن يتصف بها.
فالمعاني الاسمية كلّية كانت أو جزئيّة هي مطلقة بحيث لو ألقاها المولى في مقام البيان لشملت جميع هذه الحصص والحالات ، وإن وجد بعض الألفاظ موضوعا لحصّة خاصّة من حصص الماهيّة كما في الجلوس فإنّه موضوع لهذا المعنى حيث يكون مسبوقا بالقيام ، بخلاف القعود فإنّه موضوع لذلك المعنى حيث يكون مسبوقا بالاضطجاع فقد وضع الواضع هذين اللفظين لحصّتين من ماهيّة واحدة ، إلّا أنّ ذلك لمّا كان نادرا في لغة العرب وغيرها ، ولما كان تضيّقها بوضع معان اسمية لكلّ حصّة من هذه الحصص يحتاج إلى وضع غير متناه أو تطويلا بغير ملزم فقد وضعت الحروف لتضييق تلك المعاني الاسمية وتحصيصها إلى الحصص التي هي مرادة للمتكلّم ، مثلا قوله : الصلاة في المسجد أفضل من الصلاة في الدار فلفظ «في» في المقامين أبرز الحصّة المرادة المفضّلة على الحصّة المفضّل عليها ، ولو لم يؤت ب «في» في المقامين لبقيت الصلاة على إطلاقها.
فالحروف موضوعة لمعان إيجادية واقعية وهي التضيّق وهذا هو ما نسب إلى أمير المؤمنين عليهالسلام من قوله : الحروف هي ما دلّت على معنى في غيرها (١) فإنّها قد دلّت على التضييق في غيرها وهي المعاني الاسمية. هذا هو القسم الغالب من الحروف ، وهذه الحروف نسمّيها اصطلاحا بالحروف الاختصاصية.
ثمّ إنّ هذا التضييق قد يستفاد من الإضافة كما في غلام زيد ، وقد يستفاد من التوصيف واستفادته من هيئتهما وهي معنى حرفي أيضا.
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٠ : ١٦٢.