وبالجملة ، فهذه الحروف ـ وهي الاختصاصية ـ موضوعة لتقييد المعاني الإفرادية ، كهيئة المشتقّات فإنّها موضوعة لتقييد المادّة وتضييقها بالصدور مثلا في ضارب وبالوقوع عليه في مضروب وكذا غيرها.
القسم الثاني منها هو ما وضع بإزاء المعاني الاسمية بلا فارق ، بحيث يصحّ استعمال الحرف والاسم فيه ، وذلك هو حروف التشبيه بأسرها ؛ فإنّه لا يستفاد من قولنا : زيد كالأسد ، إلّا ما يستفاد من قولنا زيد مثل الأسد أو نظير الأسد أو شبيه الأسد أو غيرها ، فهذه الحروف تسمّى باصطلاحنا بالحروف الاسمية ؛ لأدائها نفس المعاني الاسمية ، كما سمّيت أسماء الأفعال أسماء مع [أنّ] عملها عمل الأفعال (*).
وقسم من الحروف وهو الثالث ما كانت لسلب ما يستفاد من المعنى في الجملة الخبرية الإيجابية ، فإذا استفيد معنى في قولنا : زيد قائم مثلا فما يستفاد منها تكون تلك الحروف سالبة له لو دخلت ، فقيل : ما زيد بقائم أو ليس زيد بقائم أو لا يقوم زيد أو لم يقم أو لن يقوم.
وبالجملة ، فحروف السلب إنّما وضعت لمفهوم إيجادي وهو سلب المعنى المستفاد من الجملة الإيجابية وليس هي حرف وإن عدّت من الأفعال إلّا أنّها حرف حقيقة ، وعلامة ذلك أدائها معنى الحروف كما ذكرنا. ثمّ إنّ هناك أقساما أخر للحروف لا حاجة إلى ذكرها.
__________________
(*) لا يخفى أنّه لا وجه لعدّ حروف التشبيه قسما آخر غير سابقه. ودعوى صحّة قيام المعاني الاسمية مقامها ، مدفوعة ؛ فإنّ الكاف موضوعة للتشبيه ، ولو جيء بلفظ التشبيه مكانه لم يرتبط ، بأن يقال : زيد تشبيه تعريف أسد. ولو اريد التشبيه بمشتقّاته كأن يقال : زيد شبيه الأسد صحّ مثله في غير حروف التشبيه فيقال : زيد مظروف الدار ومستعلي السطح وهكذا (الجواهري).