فالهيئة في جميع ما ذكر من المعاني الحرفيّة ، وهي دالّة على تضييق ذلك المعنى الكلّي المهمل الذي هو الماهيّة اللابشرط المقسمي المعبّر عنها عندنا بالماهيّة المهملة حتّى عن قيد الإهمال ، فتارة تضيّقه الهيئة بنحو يكون تحقّق النسبة المحكيّ قبل النطق ، واخرى حاله ، واخرى بنحو يكون مصدرا للمعنى ، واخرى واقعا عليه ، واخرى حادثا به ، واخرى مظروفا له زمانا أو مكانا وغير ذلك من المشتقّات.
وأمّا فعل الأمر فلمّا كانت مادّته إنّما تدلّ على الماهيّة المجرّدة عن جميع الخصوصيّات حتّى خصوصيّة كونه متعلقا للبعث والزجر فهيئته تدلّ على أنّ هذه الماهيّة التي كانت قابلة لأن تكون متعلّقا للبعث وأن لا تكون متعلّقا له قد انتقلت من قابليّتها لتعلّق البعث إلى فعليّة تعلّق الطلب بها والبعث نحوها ، ولا يخفى أنّ الفرق بينها وبين الفعل الماضي والمضارع واضح ؛ ضرورة أنّ هيئتهما إنّما تدلّ على كون المتكلّم في مقام الحكاية والإخبار عن الخارج ، ومن هنا يتّصف بالصدق والكذب بلحاظ مدلولها وهو متعلّق الحكاية ، وهذا بخلاف فعل الأمر فإنّه ليس حاكيا عن أمر خارجي ؛ ضرورة أنّه ليس إلّا طلب الفعل وليس وراءه أمر ليتّصف بالصدق والكذب.
إذا عرفت هذا عرفت معنى قول الأمير عليهالسلام على ما نسب إليه من أنّ الفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى أي ما أنبأ عن انتقال تلك المادّة المهملة القابلة لتعلّق الطلب بها وعدمه ، والقابلة للتحقّق سابقا وعدمه ، والقابلة للتحقّق فعلا وعدمه قد خرجت عن هذه القابلية إلى فعليّة أحد الطرفين وهو التعلّق والتحقّق في الإيجاب وعدمهما في النفي.
لا يقال : عليه فالأفعال إنّما تدلّ على التضييق فلا حاجة إلى تثليث الأقسام ؛ لأنّا نقول إنّ التضييق هنا غير التضييق في الحروف ؛ فإنّ التضييق في الحروف تضييق في المفهوم مع قطع النظر عن الإمكان وعدمه ، فقولنا القيام على السطح مقيّد