المذكّر المشار إليه بأحد الأعضاء ، فالإشارة دخيلة في المعنى وجزء منه (*) وهذا حسن لو كان أسماء الإشارة مستعملة في الأشياء الحسيّة ، أمّا إذا كانت هي والضمائر قد تستعمل في الحسيّات كزيد وعمرو وقيامهما ودارهما ، وقد تستعمل في غيرها كما في استعمالها في العقليّات مثل أن يقال : إمّا أن يكون الأمر كذا أو كذا ، فعلى الأوّل فذلك غير صحيح وعلى الثاني فهو صحيح مثلا ، فقد استعمل اسم الإشارة والضمير في امور عقليّة فأين المعنى المشار إليه بالأعضاء؟
والتحقيق أن يقال : إنّ أسماء الإشارة والضمائر موضوعة لنفس الإشارة ليس إلّا ، فهي قائمة مقام اليد التي يشار بها ، فكما يمدّ الإنسان يده إلى دار زيد فيقول دار زيد كذلك يبدّل مدّ يده بالنطق ب «هذه» مثلا ، فهي موضوعة بإزاء نفس الإشارة ، والإيماء والإشارة في قبال التصريح ، ومنه الإيماء بدل الركوع والسجود للعاجز عنهما ، فكأنّه حين كان يركع ركوع الصحيح يصرّح بالركوع ولكنّه الآن حيث إنّه عاجز يومي ويشير إليه ، فهي والضمائر موضوعة لنفس الإشارة بدل مدّ الإصبع كما ذكرنا ذلك ، ومن حيث إنّها للإشارة والإشارة ـ كما ذكرنا ـ في قبال التصريح سمّيت بالألفاظ المبهمة ويوضّحها عطف البيان المذكور بعدها. كما يقال جئني بهذا الرجل فهو بيان لما أبهم فيها.
لا يقال : إنّه إذا كان موضوعا لنفس الإشارة المجرّدة عن المعنى فكيف يصحّ حمل زيد عليه فيقال : هذا زيد مثلا؟ إذ إنّ زيدا ليس نفس الإشارة ، بل هو المشار إليه ، فلا بدّ من أن يكون لفظ «هذا» موضوعا للمعنى المشار إليه.
لأنّا نقول : إنّها موضوعة للإشارة الفانية في المشار إليه فهي طريق إليه ، نظير الإشارة باليد وقول : دار زيد فهل ترى أنّك تحمل دار زيد على اليد؟ كلّا بل يحمل لفظ دار زيد على المشار إليه ؛ إذ اليد ليست هي دار زيد.
__________________
(*) قد اختار الأستاذ في دورته اللاحقة هذا القول واستضعف ما ذكره تحقيقا بعد ذلك.