أيضا يضيّقها ويبيّن إرادة الحصّة الخاصّة وأنّ المصلحة قائمة بها ، وقد تكون المصلحة قائمة بالطبيعي من حيث هو فيقال : الصلاة خير موضوع فمن شاء استقلّ ومن شاء استكثر (١) بلا تقييد بحرف أو هيئة.
إذا عرفت هاتين المقدّمتين عرفت أنّ إطلاق اللفظ على نوعه وصنفه ومثله وشخصه ليس من باب الاستعمال أصلا ؛ لأنّه في إطلاقه وإرادة نوعه وطبيعته نفس الطبيعة تحضر في الذهن ، كما في قولك : زيد ثلاثي ؛ فإنّ زيد بنفسه ينتقل إلى ذهن السامع ، وبما أنّه فرد والطبيعي موجود في ضمن أفراده ينتقل الذهن إلى الطبيعي أيضا ، فهو بنفسه موجود في الذهن بلا واسطة شيء من الأشياء ، وكذا في إطلاقه وإرادة شخصه أيضا نفسه ينتقل إلى الذهن ؛ إذ المفروض أنّ نفس المحكوم عليه قد أحضر في الذهن فأيّ حاجة إلى الاستعمال؟
وأمّا إطلاقه على الصنف أو المثل فتذكر الطبيعة أولا فيقال : زيد ثمّ تضيّقه بواسطة حرف الجر أو الهيئة الوصفيّة حسب ما تريد من التضييق لذلك الكلّي من صنف أو مثل ، فتقول : زيد الواقع بعد ضرب فاعل مثلا ، أو زيد في ضرب زيد فاعل إذا قصدت شخصه في المثال المذكور.
فقد ظهر أنّ هذه الإطلاقات ليست من باب الاستعمال أصلا وإلّا فلا يمكن صحّة الاستعمال في الإطلاق على الشخص ؛ ضرورة أنّ الشيء لا يكون وجودا تنزيليّا لنفسه ؛ لكونه وجودا حقيقيّا ولا يكون علامة لنفسه أصلا ، فافهم ، لا لما ذكره صاحب الفصول (٢) لاندفاعه بكفاية المغايرة الاعتباريّة وكون القضية التي يلزم تركّبها من جزءين لو لا الاستعمال هي غير القضيّة اللفظيّة ، وأمّا القضيّة اللفظيّة فالجزء الثالث لها نفس اللفظ فأين التركّب من جزءين؟ وبهذا ظهر فساد ما يورد علينا من جهة إنكار الاستعمال.
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٣ : ٤٣ ، الباب ١٠ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ، الحديث ٩.
(٢) الفصول الغرويّة : ٢٢.