والإنصاف دخوله في محلّ النزاع ؛ إذ النزاع في هيئة فاعل ، والهيئة موجودة في المقام وإن استحال أحد أفراده على تقدير كونه حقيقة في الأعمّ ، نظير لفظ «غني» أو «عالم» أو «قادر» بالإضافة إلى الله ، فإنّ استحالة كونها ينقضي عنها المبدأ مع بقاء الذات لا يوجب خروجها عن النزاع.
وبالجملة ، الكلام فيما وضعت له هيئة المشتقّ وهي قاعدة عامّة ، واستحالة صدق بعض الموادّ مع انقضاء المبدأ لا يوجب قصر النزاع في غيرها ، فافهم.
وبالجملة ، فهذا القسم مع ما ذكر من المشتقّات من الأوّل مع بقيّة الأقسام وهي الثلاثة المتأخّرة هي محلّ الكلام. ومنه يظهر دخول اسم الزمان في محلّ النزاع ؛ لأنّ هيئته مشتركة بين اسم الزمان والمكان ، فعدم بقاء الزمان بعد انقضاء المبدأ لا يوجب خروج الهيئة عن محلّ النزاع ؛ لأنّها هيئة اسم المكان الممكن فيه تحقّق النزاع.
فمحلّ الكلام المشتقّات الاصطلاحيّة بأسرها والجوامد ممّا كان محمولا بضميمة الأمور الخارجيّة ، بل الكلام في مطلق ما يصحّ حمله وإن كان جامدا. فالجامد إمّا داخل في نفس النزاع أو إنّ حكمه وحكم المشتقّ واحد ، كما يشهد له ما ذكره فخر المحقّقين قدسسره (١) فيمن أرضعت زوجته الصغيرة زوجتاه الكبيرتان من أنّ المرضعة الثانية هل تحرم أم لا ، فبناه على مسألة المشتقّ مع كونه من الجوامد.
فيقع الكلام في ذلك ، وقبل الخوض في ذلك نتكلّم في أنّ بحث المشتقّ له ثمرة عمليّة أم أنّه بحث علمي صرف ، فنقول : الظاهر أنّه لا ثمرة له ؛ ضرورة أنّه لو قلنا بأنّه حقيقة في الأعمّ لكان المنصرف من الإطلاقات هو خصوص المتلبّس ، فلو قال القائل : «أكرم العالم» لا يتوهّم أحد وجوب إكرام من كان عالما ثمّ صار جاهلا. وكذا لو قال : «أهن الفاسق» فإنّه لا يتوهّم أحد وجوب إهانة من كان فاسقا ثمّ صار عادلا أصلا.
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٣ : ٥٢.