وصناعة ، فإنّ انقضاء مبدئه بالإعراض عن ذلك ، كما أنّ ما كان مبدؤه قوّة ، الانقضاء فيها بذهاب تلك القوّة والملكة.
وما ذكره في لفظ «مجتهد» صحيح ؛ فإنّ الظاهر أنّ معناها الاصطلاحي هو واجد الملكة فإذا انقضى وجدانه للملكة انتفى عنه المبدأ وانقضى ، إلّا أنّ منشأ ما ذكره ليس اختلاف المبادئ ؛ إذ يلزم على ذلك أن يكون استعمال تلك المبادئ مثل لفظ بنى يبني مثلا مجازا في الفعل الخارجي وكذلك نجر ينجر مثلا وصاغ يصوغ ؛ ضرورة عدم استعمال ذلك المبدأ في الحرفة والصناعة ، أو يلتزم بالاشتراك في المبدأ.
والظاهر أنّ المبدأ في الجميع بمعنى واحد وإنّما نشأ الاختلاف المذكور من الهيئات ، فمثل نجّار وبنّاء بما أنّها من أمثلة المبالغة فمعناها من يتكرر منه ذلك العمل بكثرة ، وهذا المعنى منه موجود بالفعل ما دام لم يعرض ، والمادّة موضوعة لهذا العمل بإطلاقه ، ومثل مفتاح مثلا بما أنّه نسبة الفعل إلى اسم الآلة فلا بدّ من كونه اسم آلة بالفعل ؛ ولذا لو انكسر سنّ من أسنانه لا يصدق حينئذ اسم الآلة فلا تكون نسبة الفعل إلى اسم الآلة.
وأمّا مثل قاضي مثلا وأشباهه فإنّما اخذ فيه القضاوة الشأنيّة فمبدؤه القضاوة الشأنيّة فلا ينافي صدقها اشتغاله بالأكل أو الشرب أو الصلاة ، وكذا الحاكم مثلا فإذا عزل عزلا خارجيّا كما في عزل السلطان أو عزلا إلهيّا كما إذا فسق مثلا فالقضاوة الشأنيّة قد انقضت عنه ، فقد أخذ في مثل هذه المبادئ الشأنيّة ، فالمادّة فيها موضوعة للمادّة المنتسبة بأيّ نحو كان تلبّسه بذلك المبدأ ، فالاختلاف فيها في أنحاء التلبّس لا في المبدأ أصلا ، فإنّ نحو التلبّس بهذا المبدأ هو بنحو الشأنيّة كما أنّه في غيرها بنحو الفعليّة ، فافهم فإنّه دقيق.