والأوّل داخلا في محلّ النزاع وليس كذلك. ثمّ قال : ولا ينافيه الاتّفاق على أنّ زيد ضارب غدا مجازا ؛ لإمكان كون الحمل عليه بالفعل بلحاظ كونه ضاربا غدا وكون غدا قرينة عليه. ثمّ ذكر بعد ذلك أنّ زيد قائم غدا وكان زيد قائما حقيقة إذا كان زيد متّصفا بالقيام غدا في الثاني وإذا اتّصف بالقيام في الأوّل.
ولا يخفى ما في كلامه من التشويش ، أمّا أوّلا : فلأنّ ما زعمه من الاتّفاق على أنّ زيد ضارب غدا مجاز ليس كذلك ؛ إذ لا اتّفاق وإنّما ذكره العضدي (١) ، ولا يخفى أنّه إن اريد منه حال التلبّس كان حقيقة وإن اريد منه كون الحمل بالفعل وكون غدا قرينة على المجازيّة فلا ريب في بطلانه وكونه غلطا ؛ إذ أيّ معنى لكون الحمل بالفعل وكون غدا قرينة على أنّ الحمل بالفعل بلحاظ أنّه مشارف للتلبّس غدا؟ إذ لا بدّ من مناسبة بين القرينة وبين ذي القرينة ، ولا مناسبة بين الحمل الفعلي وكون غد قرينة عليه.
وثانيا : أنّ ما ذكره من كون الحمل في قولنا : «كان زيد قائما ، وسيكون قائما» حقيقة إذا كان متلبّسا به في الماضي أو إذا تلبّس به في المستقبل غير تامّ أيضا ؛ لأنّ التلبّس من زيد فيما مضى أو يأتي يوجب صدق القضيّة ، وعدمهما يوجب كذبها ، لا أنّ التلبّس يوجب الحقيقة وعدمه يوجب المجاز كما هو ظاهر كلامه قدسسره ؛ إذ الألفاظ إنّما وضعت لمفاهيمها المطلقة ولم توضع لمفاهيمها المقيّدة بالوجود ؛ إذ الوجود والعدم أجنبيّ عن مدلول الألفاظ.
ولا يخفى أن المعنى للمشتقّ يكون هو المفهوم الذي لو وجد فرده في الخارج كان فرده خصوص المتلبّس أو الأعمّ ، فإذا استعمل اللفظ في ذلك المفهوم كان حقيقة قطعا وإن لم يوجد فرده ؛ إذ الحقيقة هو استعمال اللفظ فيما وضع له ، فإذا فرضنا أنّ المشتقّ حقيقة في خصوص المتلبّس والمتكلّم أطلقه على ذلك
__________________
(١) شرح المختصر ١ : ٥٨.