وبالجملة ، فالإرادة عبارة عن تلك الصفة النفسية المنبعثة عن ذلك التصوّر والتصديق بالفائدة وبقية المقدّمات ، فقد يكون ذلك الشيء المراد من الأشياء التي يكون تحقّقها في الخارج بفعل نفس المريد كما إذا أراد التمشّي ، وقد يكون من الأشياء التي يكون صدورها منوطا بشخص آخر غير نفس المريد ، أو أنّ إرادته تعلّقت بنحو يكون صدورها من غيره وإن أمكن صدورها من نفسه.
وهذه تارة تكون بنحو يكون مطلق صدورها من الغير وافيا بمصلحة المولى الآمر ، واخرى بنحو يكون صدورها بنحو الاختيار وافيا بالمصلحة ، فيأمر بها ويتصدّى لإيجادها بنفسه في الأوّل وبأمره في الباقي.
وحينئذ فقوله : «افعل» مثلا بما أنّه نوع تصدّ يكون مصداقا من مصاديق الطلب بما أنّه إبراز ، لا أنّه به ينشأ مفهوم الطلب كما ذكره الآخوند (١).
وبالجملة ، فمفهوم أحدهما غير مفهوم الآخر ، ضرورة عدم صدق الطلب على الإرادة الصرفة أصلا فهي متقدّمة عليه برتبة أو رتبتين ، كما سيأتي. فكيف يدّعي اتّحادهما مفهوما؟ مع أنّ أحدهما من الصفات النفسيّة والاخرى من الفعل ، إمّا العمل المباشري الذي يصدر من المولى أو أمره به ، وكلاهما من الأفعال الخارجيّة التي لا ربط للصفات النفسيّة بها أصلا.
وبما ذكرنا ظهر تباينهما مصداقا أيضا ، فإنّ مصداق الإرادة غير مصداق الطلب الذي هو التصدّي نحو المطلوب بأنحائه كما تقدّم ، فافهم.
بل يمكن أن يكون معنى الطلب أضيق ممّا ذكرنا ، بأن يكون هو التصدّي نحو المطلوب الذي يمكن حصوله وعدم حصوله نوعا وإن انضمّت إليه قرائن أو مقدّمات دالّة على الحصول كما في أمر الله أولياءه وملائكته ، أو عدم الحصول
__________________
(١) كفاية الاصول : ٨٤.