الثاني : أن يكون متمّما للأمر الأوّل بحيث لا يكون الأمر الأوّل وافيا بغرض المولى ، وهذا يتصور بنحوين أيضا :
أحدهما : أن يكون كاشفا عن تقيّد الأمر الأوّل في مرحلة الثبوت والواقع وأنّ الدليل الأوّل كان مهملا أو لم يكن إطلاقه مرادا بالإرادة الجديّة ، وهذا نظير أوامر إيقاع الصلاة إلى القبلة أو متستّرا أو متطهّرا أو غير ذلك من شروطها ، فإنّها كاشفة عن كون الغرض الباعث على التكليف لا يحصل إلّا بالصلاة بهذه الشروط المذكورة ، فالدليل الأوّل مهمل أو أنّ إطلاقه غير مراد جدّا.
ولا يخفى أنّ أخذ قصد الأمر ليس من القسم الأوّل ؛ لضرورة أنّ الأمر المتعلّق بالصلاة لا يسقط بإتيانها مجرّدة عن قصد الأمر ، ولا من هذا القسم أيضا ؛ لأنّه إنّما يكشف عن التقييد ثبوتا حيث يكون التقييد ممكنا والمفروض استحالته في المقام ، فلا بدّ أن يكون أخذ قصد الأمر في الصلاة ليس بالنحو الأوّل من النحوين ، بل بثانيهما ، وهو أن يكون الغرض الواحد الداعي على الأمر بالصلاة مثلا لا يترتّب عليها وحدها وإنّما يترتّب عليها بقصد الأمر ، وحيث إنّ أخذ قصد الأمر في متعلّقه مستحيل فرضا في مقام الثبوت فيتوسّل المولى إلى الأمر بما يحصّل غرضه بهذه الوسيلة وهي الأمر الثاني ، فيقول : صلّ ولتكن صلاتك بقصد الأمر.
وهذا الأمر الثاني هو الذي كان يعبّر عنه الميرزا النائيني قدسسره (١) بمتمّم الجعل أو نتيجة التقييد ، فإنّه يفيد نتيجة التقييد حيث كان التقييد مستحيلا. وحينئذ فللمولى ـ في مقام التوصّل إلى غرضه ـ أن يأمر بالأمر الثاني ، وحيث لا أمر ثان فيستكشف عدم دخل القربة في تحصيل الغرض ، وإلّا لبيّن بالأمر الثاني ، فيستدلّ بالإطلاق ـ أي إطلاق الأمر الأوّل ـ في عدمه (٢) إلّا أنّ بين الإطلاقين فرقا ، فإنّ الإطلاق الاولى إطلاق لفظي ولكن الإطلاق الثاني إطلاق حالي.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ١ : ١٧٣ ـ ١٧٤.
(٢) كذا ، والمناسب : على عدمه.