ووجه لزوم الإعادة أو القضاء هو عدم الإتيان بالواقع وبدله وكون المكلّف غير محرز لذلك. وأيضا فإنّ عدم الإتيان بالمأمور به كما يقتضي حدوث التكليف كذلك يقتضي بقاءه ، فإذا انكشف له مخالفة الحكم الظاهري للواقعي فالحكم الواقعي يدعو إلى متعلّقه بقاء فيقتضي الإتيان بالمأمور به.
أمّا الكلام في القسم الثاني ـ وهو ما إذا اجتهد بموجب الأمارة الشرعيّة فحكم بعموم لعدم وجدانه لمخصّصه بعد الفحص ثمّ انكشف له أنّ الحكم الظاهري في بعض الأفراد كان مخصّصا واقعا ولم يكن هو مطّلعا على ذلك المخصّص ـ فبما أنّ الحكم بحجيّة العموم ما لم يجد المخصّص فهو حجّة منوطة بعدم المخصّص واقعا ، فالحكم الظاهري ثابت عليه واقعا ، وعند انكشاف الخلاف ارتفعت حجّيّة ذلك العموم ، فعند انكشاف الخلاف أيضا الحكم الواقعي يدعو إلى متعلّقه بقاء كما يدعو إليه حدوثا ـ كما أسلفنا ـ فهو يقتضي لزوم الإتيان بالواجب الواقعي ولا ببدله. أمّا عدم الإتيان به فواضح. وأمّا عدم الإتيان ببدله فلأنّ لا دليل على بدليّة ما أتى به عن الواقع ، فيلزمه الإتيان به في الوقت إعادة وفي خارجه قضاء ؛ لأنّ فوت الواقع محرز بانكشاف المخالفة وأنّ الواجب بمقتضى المخصّص لذلك العموم لم يأت به ، فافهم.
وهذا بخلاف ما لو اطلع على معارض لذلك الدليل الأوّلي كما إذا بنى على أنّ من سافر إلى أربعة فراسخ فحكمه التمام وإن لم ينو العود لرواية مصرّحة بذلك ، ثمّ اطّلع على رواية تقتضي لزوم القصر في هذا الفرض ، فيفرق بين الوقت فيجب الإتيان به لقاعدة الاشتغال ، وخارج الوقت فلا يجب القضاء ، لعدم إحراز الفوت بعد إتيان الإتمام ولا بدّ من إحراز الفوت حتّى يتحقّق موضوع القضاء. والفرق بينه وبين سابقه واضح ؛ إذ بعد فرض أنّه في الاولى قد تبدّل رأيه برأي آخر فهو بحكم رأيه الثاني لم يأت بالمأمور به. بخلاف الثانية ، فإنّ رأيه السابق ارتفع ولم يتبدّل إلى رأي آخر ، فهو يحتمل تحصيل الواقع ، ويحتمل عدمه ، ففي الوقت