الشيء وحكم مقدّمته وجوبيّا كان أم استحبابيّا ، واختصاص الوجوب في كلام الأصحاب للاهتمام به ، وهذه الكبرى لو ضمّت إليها الصغرى لانتجت حكما شرعيّا ، فنتيجتها واقعة في طريق استنباط الحكم الشرعي الفرعي. وهذا هو الميزان في عدّها مسألة اصوليّة.
وهذه المسألة ليست من العقليّات المستقلّة ؛ لأنّها محتاجة إلى مقدّمة اخرى في استنباط الحكم الشرعي منها ، فإنّ قولنا : «لو كان هذا واجبا لوجبت مقدّمته لكنّه واجب فمقدّمته واجبة» محتاج إلى إثبات الوجوب الشرعي.
كما أنّ الوجوب المبحوث عنه في المقام ليس هو الوجوب العقلي بمعنى اللابدّيّة ، ضرورة عدم النزاع في اللابدّيّة ومسألة المقدّمة ممّا قام النزاع فيها على قدم وساق.
وليس أيضا الوجوب الشرعي المتوجّه إلى ذيها ، فإنّه ينسب إلى المقدّمة بالعرض والمجاز أم لا ليقع الكلام في ذلك ؛ لأنّ الكلام لو كان في هذا لناسب الكلام فيه أن يقع في مبحث المعاني والبيان لا الاصول.
وليس أيضا المراد بالوجوب حينئذ الوجوب الاستقلالي المترشّح من وجوب ذي المقدّمة كما زعمه صاحب القوانين (١) واختار عدم الوجوب ، لدعواه كثرة الأمر من الموالي العرفيّة مع عدم الالتفات إلى أنّ له مقدّمة أم لا بل ومع عدم العلم ، فكيف يقال بالوجوب مع كونه من أفعاله الاختيارية التي يستحيل صدورها من غير قصد؟
بل المراد بالوجوب الوجوب الشرعي الترشّحي التبعي ، فلا ينقض بعدم الالتفات ، فإنّ الالتفات لا بدّ منه في الاستقلالي لا التبعي كما هو واضح. والثمرة في هذا الوجوب التبعي الذي لا يورث قربا ولا بعدا يأتي الكلام عليها في آخر بحث المقدّمة تبعا لصاحب الكفاية قدسسره وإن ناسب ذكرها هنا.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٠١.