وتحقيق الحال : أنّ الشرط خارج عن المأمور به حقيقة ، إلّا أنّ تقيّد المأمور به جزء من أجزاء المأمور به ، وهذا الشرط الذي قيّد به الواجب على قسمين ؛ إذ تارة يكون من الامور الغير المقدورة كالقبلة والوقت ، واخرى يكون من الامور المقدورة كالطهارة ، فإنّها مقدورة بالقدرة على ما به تحصل من غسلات ومسحات. وما ذكره الميرزا : من أنّه لا بدّ من كون الشرط مقدورا حتّى يقيّد به المأمور به (١) سيأتي ما فيه ، فإنّ المناط في التقيّد القدرة على التقيّد وليس المناط فيه القدرة على القيد نفسه.
فما كان خارجا عن القدرة ـ كما في الوقت والقبلة ـ فلا ريب في خروجه عن محلّ النزاع ، لعدم جواز التكليف بغير المقدور. وما كان من المقدورات ـ كما في الطهارة من الحدث أو الخبث المقيّد بها الصلاة مثلا ـ فهل هي داخلة في محلّ النزاع في ثبوت الملازمة أم خارجة؟ الظاهر الأوّل ، فإنّ وجودها غير وجود المأمور به وليسا وجودا واحدا كما في الأجزاء ليخرجا عن الكلام في الملازمة ؛ إذ ظاهرها الملازمة بين الوجودين ؛ إذ المقام من الوجودين أيضا ، فإذا أمر بتقيّد المأمور به بالطهارة مثلا وكان التقيّد موقوفا على الوضوء مثلا ، فلا بدّ من كون المشتاق إلى التقيّد مشتاقا إلى مقدّماته الوجوديّة التي منها الوضوء كما ذكر في المقدّمة الخارجيّة حرفا بحرف.
وبالجملة ، فالمقدّمة الخارجيّة داخلة في محلّ النزاع في ثبوت الملازمة وعدمه ، وهي المقدّمة العقليّة التي يتوقّف عليها وجود الواجب مع قطع النظر عن أخذ الشارع لها ، كما في نصب السلّم مثلا للصعود على السطح ، وكما في اكتراء الدابّة في السفر إلى الحجّ. وهذه هي المقدّمة الخارجيّة المحضة ، وتقابلها الداخليّة المحضة ، وهي خارجة عن محلّ الكلام ، وبينهما ما كان تقيّد الواجب بها داخليّا وذات المقيّد به خارجيّا ، وقد عرفت أنّ الظاهر دخوله في محلّ النزاع ، لما ذكرنا.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ١٩٦ ـ ١٩٧ و ٣٢٢ ـ ٣٢٣.