الأمر الغيري وأنّ الشروط داخلة في نزاع وجوب مقدّمة الواجب وعدمه بخلاف الأجزاء ، مضافا إلى أنّ القيد لا يلزم أن يكون أمرا اختياريّا كما في الوقت والقبلة ، فإنّها غير اختياريّة ، ولكن تقيّد الواجب بها مقدور للمكلّف. وحينئذ فالأمر النفسي لم يتعلّق بالشرط فلا بدّ من سقوط الأمر بالواجب النفسي عند إتيان المأمور به ، للإتيان بمتعلّقه ، فيحصل الامتثال فيسقط الأمر ، فيعود إيراد الشرط المتأخّر بحاله من كونه من أجزاء العلّة فكيف يحصل المعلول قبل حصول علّته؟ فافهم.
والتحقيق أن يقال : إنّ الشرط الشرعي ليس المراد به الشرط الحكمي الذي هو من قبيل المؤثّر والعلّة ليقال : إنّه كيف يحصل المعلول قبل تماميّة علّته؟ بل الشرط الشرعي ليس إلّا بمعنى كونه مربوطا به المأمور به ؛ إذ الشرط في اللغة بمعنى الربط ، ومنه قيل للرابط الكهربائي «الشريط الكهربائي» باعتبار كونه رابطا بين الطرفين ، ومنه الشرط في ضمن العقد ، بمعنى أنّ العقد مربوط به ، لا بمعنى أنّه مؤثّر في صحّة العقد. وحينئذ فمعنى كون الشيء شرطا للمأمور به ليس إلّا بمعنى أنّ تقيّد المأمور به مطلوب للشارع ، ومعنى ذلك : أنّ خصوص الحصّة المقيّدة به هي المطلوبة للشارع لا المطلق على إطلاقه. وحينئذ فالشرط المتأخّر كالمقارن في كون الحصّة المقيّدة به هي المطلوبة للشارع ، فكما يكون المأمور به كالصلاة مثلا المقارنة للتستّر مؤثّرة في المصلحة الواقعيّة دون مطلق الصلاة ، فالمؤثّر في حصول المصلحة الواقعيّة ذات هذه الحصّة ، فكذلك في المتأخّر أيضا حرفا بحرف ، فيقال مثلا : إنّ صوم المستحاضة الملحوق بالغسل ليلا هو المؤثّر في تحصيل المصلحة الواقعيّة ، فوجود الغسل بعد ذلك إنّما هو لتحقّق طرف الإضافة ، فيكشف تحقّقه بعد ذلك عن كون الفرد المأتيّ به من خصوص الحصّة المأمور بها دون غيرها ، فيكون المأمور به هو المتقدّم ، وبحصوله يحصل الغرض ويسقط الأمر. وليس وجود القيد بعد ذلك إلّا كاشفا عن كون الفرد واقعا كان من حين وقوعه من أفراد الحصّة المأمور بها بحسب علم الله تعالى ،