أمّا الشوق : فالحقّ أنّه كما ذكره الشيخ قدسسره من كونه موجودا بالفعل في جميع الصور ومتعلّقه الفعل أيضا ، إلّا أنّه لا يلزم منه فعليّة الحكم كما قدّمنا ذلك ومثّلنا له بالوصيّة ، فإنّ الشوق من الصفات والحكم من الأفعال.
وأمّا الإرادة : والمراد بها إعمال الإنسان قدرته في ما يشتاقه ؛ لأنّها على ما استفدناه من الأخبار أنّها صفة فعل لا صفة ذات ، فلا تتعلّق إلّا بما يكون فعلا من أفعاله ، كأن يمدّ يده فيشرب الماء. ولا يعقل تعلّقها بفعل الغير كلّية كما لا يعقل تعلّقها بالفعل المتأخّر ولو لنفسه أيضا ؛ ضرورة أنّه لا معنى للتحريك نحو الأمر المتأخّر.
وأمّا الطلب : الذي هو بمعنى الإيجاب الذي هو عبارة عن اعتبار الفعل على ذمّة المكلّف ، فالاعتبار وإن تحقّق بالفعل ، إلّا أنّ المعتبر الذي هو الوجوب لا يلزم أن يكون بالفعل ؛ ضرورة عدم ملازمة فعليّة مقام الجعل لفعليّة المقام المجعول كما تقدّم في الوصيّة. وبيان عدم الملازمة : أنّ ذلك القيد المذكور المعبّر عنه بالشرط تارة يكون محقّقا لملاك ذلك المشروط وموجدا لمصلحته ، بحيث إنّ المشروط بدونه لا مصلحة ولا ملاك فيه أصلا. واخرى لا يكون كذلك ، بل الفعل متّصف بالملاك والمصلحة ، إلّا أنّ استيفاء تلك المصلحة موقوف على تحقّق هذا الشيء ، ففي الثاني يكون الاعتبار والمعتبر فعليّا ومتعلّق الاعتبار متأخّرا وهو الفعل ، وفي الثاني (١) يكون الاعتبار فعليّا ، إلّا أنّ المعتبر الذي هو الوجوب يكون موقوفا على حصول ذلك القيد ؛ إذ بدونه لا ملاك حينئذ ، فيستحيل أن يتحقّق وجوبه قبل حصول الشرط ، فإذا كان مقام القيد على هذين النحوين ، فالوجوب المشروط حينئذ ممكن ويكون القيد راجعا إلى الهيئة كما قرّرنا. ولا يمكن أن يكون راجعا إلى المادّة ، للزوم فعليّة الوجوب حينئذ ، والمفروض عدم المقتضي له ؛ لعدم المصلحة حينئذ.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : في الأوّل.