وبالجملة ، فقد اتّضح ـ بحمد الله ـ ممّا ذكرنا الفرق بين الوجوب المشروط والوجوب المعلّق وأنّ الأوّل من قبيل الوصيّة والثاني من قبيل الاستيجار لدار بعد سنة ، ولا ريب في مغايرة كلّ منهما للثاني ، من حيث إنّ الأوّل لا وجوب قبل حصول الشرط ، بخلافه في المعلّق ، فالوجوب فيه فعليّ وإن تأخّر زمان الوجوب.
وبعبارة اخرى : الواجب المشروط يكون اتّصاف الفعل فيه بالمصلحة بعد تحقّق الشرط ، بخلافه في المعلّق ، فإنّ اتّصاف الفعل بالملاك والمصلحة بالفعل ، ولكن استيفاء تلك المصلحة منوط بالقيد أو الشرط مثلا.
ثمّ إنّ النزاع في وجوب المقدّمة وإن ذكر صاحب الكفاية أنّه لا يختصّ بمقدّمات الواجب المطلق ، بل يعمّ المشروط بالإضافة إلى غير شرط الوجوب (١) ، غير أنّ المقدّمة تتبع ذا المقدّمة في الإطلاق والاشتراط ، إلّا أنّه لا ثمرة عمليّة فيه ؛ إذ قبل تحقّق شرط الوجوب لا يجب تحصيل بقيّة المقدّمات وبعد حصوله يكون الوجوب مطلقا ، فما ذكره من كونها واجبة وتابعة في الإطلاق والاشتراط لذي المقدّمة صحيح ، إلّا أنّه لا يثمر ثمرة كما قرّرنا.
نعم ، على مذاق الشيخ من كون القيد راجعا للمادّة يكون الوجوب فعليّا فيجب مقدّماته. وأمّا شرط الوجوب فلا يجب على ما اخترناه ؛ لعدم وجوب الواجب قبل وجوده ، وبعد وجوده يجب الواجب حينئذ ، ولا معنى لوجوبه حينئذ ، للزوم تحصيل الحاصل.
وأمّا على مذاق الشيخ قدسسره فلا يجب أيضا ؛ إذ المفروض أنّه جعل الشيء واجبا على تقدير حصوله ومع حصوله كيف يطلب؟ وهل هو إلّا طلب الحاصل؟
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٢٠.