وبالجملة ، فعند دوران الأمر بين المعلّق والمشروط لا دوران بين تقييد المادّة والهيئة. وكلام الشيخ قدسسره مبنيّ على كون المعلّق قسما من أقسام المطلق وهو غير تامّ كما تقدّم.
نعم ، لو دار الأمر بين المطلق والمشروط كان لهذا الكلام مجال مع قطع النظر عمّا ذكرنا من عدم انطباقه من الجهة الاولى ، وهي أنّ هذا الكلام إنّما هو في التنافي في الدلالة لا التنافي من ناحية العلم الإجمالي ، فافهم.
هذا تمام الكلام في الوجه الأوّل لتقديم تقييد المادّة على تقييد الهيئة.
الوجه الثاني من الوجهين اللذين ذكرهما الشيخ الأنصاري على ما في تقريراته (١) مرجّحا لتقييد المادّة ـ لو سلّم إمكانه ـ أنّ تقييد الهيئة يوجب بطلان محلّ الإطلاق من المادّة ؛ ضرورة أنّه إذا كان القيد شرطا للوجوب فلا بدّ من إيقاع العمل الواجب بعد تحقّقه ، وحينئذ فلا إطلاق في المادّة حينئذ. وهذا بخلاف تقييد المادّة فإنّه معه يبقى إطلاق الهيئة بحاله ، فيدور الأمر بين تقييد الهيئة فيثمر نتيجة تقييدين وبين تقييد المادّة فقط ، ولا ريب في أنّ نتيجة التقييدين مخالفة للظاهر أكثر من تقييد المادّة وحدها فيتقدّم الأقلّ ظهورا.
وذكر الميرزا النائيني تقريبا لهذا الكلام (٢) [وهو] أنّ تقييد المادّة معلوم إجمالا ، وتقييد الهيئة غير معلوم ، فينحلّ العلم الإجمالي بتقييد أحدهما إلى تقييد معلوم على كلا التقديرين وهو تقييد المادّة ، وآخر مشكوك وهو تقييد الهيئة ، فيرجع فيه إلى أصالة الإطلاق.
وقد أورد الآخوند قدسسره (٣) وجملة ممّن تأخّر عنه منهم الميرزا (٤) على ما ذكره الشيخ
__________________
(١) مطارح الأنظار ١ : ٢٥١ ـ ٢٥٣.
(٢) انظر أجود التقريرات ١ : ١٩٣ وما بعدها من الصفحات و ٢٤٢.
(٣) كفاية الاصول : ١٣٤ ـ ١٣٥.
(٤) انظر أجود التقريرات ١ : ٢٣٤ ـ ٢٣٦.