بأنّ مخالفة الظاهر إنّما هي حيث ينعقد لكليهما إطلاق فيخالف برجوع القيد إلى الهيئة ، أمّا إذا كان تقييد الهيئة يوجب عدم إطلاق في المادّة أصلا فليس فيه مخالفة لظاهرين بل مخالفة ظاهر واحد ، وهو إمّا رفع إطلاق المادّة أو رفع إطلاق الهيئة ، ورفع نتيجة الإطلاق إذا لم يكن فيه مخالفة للظاهر فليس به بأس.
نعم ، إذا كان التقييد بمنفصل فقد انعقد لكلّ من الإطلاقين ظهور في الإطلاق فحينئذ يتمّ ما ذكره الشيخ قدسسره ، ففصّل الآخوند فوافق الشيخ في المخصّص المنفصل دون المتّصل ثمّ أمر بالتأمّل في آخر كلامه.
والظاهر عدم تماميّة أصل الترجيح وعدم تماميّة الإيراد أيضا. وبيان ذلك يتوقّف على بيان معنى رجوع القيد إلى المادّة ورجوع القيد إلى الهيئة :
فنقول : إنّ معنى رجوع القيد إلى الهيئة أخذ القيد مفروض الوجود عند توجّه الوجوب ، ومعنى رجوع القيد إلى المادّة أنّ التقيّد ـ أي تقيّد المأمور به بالقيد ـ داخل تحت الأمر لا نفس القيد كما زعمه الميرزا النائيني قدسسره ؛ ضرورة لزوم التهافت في فرض كون القيد قيدا لهما ؛ ضرورة أنّه إذا كان مفروض الوجود فكيف يدخل التقيّد تحت الأمر؟ إذ يكون طلبا للحاصل. وحينئذ فمعنى كون القيد قيدا للهيئة أنّه اخذ مفروض الوجود ، ومعنى كونه قيدا للمادّة أنّ التقيّد داخل تحت الأمر ، فهما معنيان متباينان ، فقد يجتمعان كما في : إذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة ، فهنا اخذ الزوال مفروض الوجود بالإضافة إلى الوجوب ، وتقيّد الصلاة في الوقت أخذ في المأمور به ، فصار المأمور به حصّة خاصّة.
وقد يكون القيد مفروض الوجود ولكن ليس التقيّد داخلا في المأمور به ، كما في الوجوب المشروط بالشرط المتأخّر ، فإنّ الشرط المتأخّر اخذ مفروض الوجود ولكنّ الواجب لم يقيّد به ، وكما في صلاة الزلزلة فإنّ الزلزلة اخذت مفروضة الوجود ولكنّ الصلاة لم تقيّد بوقتها. وقد يكون التقيّد تحت الأمر ولكنّ القيد ليس مفروض الوجود ، كما في : صلّ قائما ؛ فإنّ القيام ليس شرطا للوجوب ولكنّ الصلاة مقيّدة به ،