كونه واجبا نفسيّا أو غيريّا إلّا أنّ الإلزام به معلوم ، إمّا لكونه واجبا نفسيّا وإمّا لكون تركه سببا لترك الواجب النفسي ، فإنّ تركه يستوجب ترك الواجب النفسي حسب الفرض.
والإنصاف أنّ كلام كلّ منهما تامّ فيما هو فيه ، ولا يرد ما أورده الميرزا على الآخوند أصلا وإن كان كلام الميرزا أيضا متينا في محلّه.
بيان ذلك أنّه :
تارة : يحرز عدم وجوب ذلك الواجب النفسي من غير جهة المقدّمة ، مثلا الحائض إذا شكّت في كون الوضوء واجبا نفسيّا لها ليجب ، أو غيريّا للصلاة ليرتفع وجوبه حينئذ تبعا لوجوب الصلاة ، وفي هذا المقام يتمّ كلام صاحب الكفاية قدسسره وإليه نظره ؛ لأنّ البراءة حينئذ محكّمة ؛ للشكّ في الوجوب الفعلي ، فإنّ الوجوب على تقدير الغيريّة ليس فعليّا ، نعم على تقدير النفسيّة هو فعلي ، لكنّه مشكوك الوجوب النفسي فيجرى في ذلك المشكوك البراءة.
واخرى : يكون ذلك الشيء الذي يحتمل كون هذا مقدّمة له مشكوك الوجوب ، كما إذا أمر المولى بالذهاب إلى السوق وتردّد الذهاب بين كونه واجبا نفسيّا أو مقدّميّا إلى شراء اللحم الذي يشكّ في وجوبه ، وفي هذه الصورة لا بدّ من الحكم بالاشتغال بالنسبة إلى الذهاب إلى السوق وإن جرت البراءة بالإضافة إلى شراء اللحم ؛ للعلم بوجوب الذهاب على كلّ تقدير ، فإنّه على تقدير كونه واجبا غيريّا فتركه يوجب ترك الواجب النفسي الواصل بهذا المقدار ، فإنّ التنجّز لا يكون دائرا مدار تنجّز ذي المقدّمة ، نعم الملازمة بينهما في الوجوب الواقعي لا الفعلي ، وأمّا الفعلي فقد تجب المقدّمة بالوجوب الفعلي المنجّز ولا يجب ذوها بالوجوب الفعلي المنجّز ، والسرّ في ذلك أنّ التروك تنحلّ ، فالترك من جهة قد يوجب العقاب ومن جهة اخرى لا يوجب العقاب. وهذا هو ما ذكرناه في الأقلّ والأكثر وقد سمّيناه هناك بالتوسّط في التنجيز.