ثمّ إنّ صاحب الفصول (١) بعد أن ادّعى ضرورة وجوب خصوص الموصلة من المقدّمات وبداهة ذلك ، وأنّ العقل الحاكم بالملازمة لا يدلّ عليه زائدا على القدر المذكور استدلّ بدليل ملخّصه : جواز منع الشارع عن غير الموصلة عقلا مع استحالة منعه عن الموصلة بخصوصها أو مطلق المقدّمة عقلا (*).
وقد أجاب صاحب الكفاية (٢) عن هذا الدليل بأمرين :
أحدهما : أنّ اختصاص الوجوب بخصوص الموصلة حينئذ للنهي عن غيرها لا يقضي بكون الملازمة خاصّة بها ؛ فإنّ الأمر بالطبيعة إنّما ينصرف إلى ما لا مانع فيه ، والمنهيّ عنه مقرون بالمانع ، فلا يدلّ على اختصاص الملازمة بخصوص الموصلة.
الثاني : أنّه يؤدّي إلى جواز ترك الواجب ؛ لاختصاص جواز مقدّمته لو كانت محرّمة بصورة الإتيان به ، فقبل الإتيان به لا جواز فلا وجوب لها حينئذ فيتركها ، وبتركها يترك الواجب لكونه محال والتكليف بالمحال محال على الله تعالى.
والجواب عمّا ذكره صاحب الكفاية من الإيرادين :
أمّا عن الأوّل فبأنّ الكلام إن كان في توجّه الأمر نحو طبيعة ذات أفراد بعضها منهيّ عنه فلا ريب في اختصاص الأمر حينئذ بما لا نهي فيه ، أمّا الفرد الواحد من المقدّمة إذا كان محرّما وذا حالين فإمكان توجّه النهي نحوه في حال منهما كاف في وقوعه ؛ إذ النهي مطلق وإنّما يقيّد حيث يستحيل بقاؤه مطلقا ، فإمكان توجّه النهي نحوه كاف في وقوعه ، كالترتّب ، فافهم.
__________________
(١) الفصول : ٨٦.
(*) قد أفاد في دورته اللاحقة أنّ هذا الإيراد أورده السيّد اليزدي على الآخوند في مجلس وسلّم الآخوند هناك ، ثمّ أجاب عنه في مجلس الدرس وأنّ إيراد صاحب الفصول جواز التصريح بإيجاب خصوص الموصلة وعدم وجوب غيرها.
(٢) كفاية الاصول : ١٤٨ ـ ١٥٠.