قطعا لا محال ، وكذا جهل الله بشيء محال فعلمه به ضروري ، وفقره إلى شيء محال فغناه عنه ضروري قطعا ، ولو كان استحالة أحد المتقابلين بتقابل العدم والملكة يستدعي استحالة الآخر لاستدعى استحالة العلم والغنى في ذات الله عزوجل ، وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
على أنّ جميع ما ذكرناه إنّما كان من باب المماشاة وإلّا فالإطلاق والتقييد في الواقعيّات التقابل بينهما تقابل الإيجاب والسلب ؛ إذ الإطلاق في الواقع بمعنى لحاظ رفض القيود فهو من تقابل الضدّين ، نعم الإطلاق والتقييد في مقام الإثبات تقابلهما تقابل العدم والملكة ؛ إذ لو لم يمكنه التقييد كيف يمكن التمسّك بالإطلاق الذي هو عدم لحاظ القيد؟
هذا ما كان من أمر المقدّمة الاولى ، وأمّا المقدّمة الثانية وهي كون الغرض من المقدّمة هو الوصول إلى ذي المقدّمة فمتينة لا مجال فيها للمناقشة إلّا أنّ النتيجة غير تامّة ؛ إذ الترتّب وإن بنينا على إمكانه ووقوعه إلّا أنّه في المقام ممنوع.
أمّا ترتّب الحرمة للمقدّمة على عصيان أمرها فغير خفي ما فيه من لزوم اللغوية كما مرّ.
وأمّا ما ذكره الميرزا من ترتّب الحرمة للمقدّمة على عصيان أمر ذي المقدّمة فلا ريب أن الحرمة المترتّبة حرمة فعليّة إلّا أنّها مشروطة بالعصيان وهو أمر متأخّر ، والميرزا قدسسره بان على استحالة الشرط المتأخّر (١) وأمّا على ما اخترناه من إمكان الاشتراط بالشرط المتأخّر ففي المقام لا يجوز ؛ لخصوصيّة فيه وهي أنّه إذا كان التحريم مشروطا بالعصيان فلا بدّ من كون جواز المقدّمة المحرّمة أو وجوبها مشروطا بالإطاعة ، وحينئذ فإذا كان مشروطا بالإباحة توجّه إيراد صاحب الكفاية قدسسره من توقّف وجوب ذي المقدّمة على الإتيان به ؛ إذ وجوب ذي المقدّمة
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ١ : ٢١٤ ، ٣٥٢ و ٢ : ١١٠ ـ ١١٢.