بوجوب ترك الصلاة مقدّمة للإزالة ، أمّا إذا لم يترك الصلاة مقدّمة للإزالة فترك الصلاة حينئذ يكون محرّما ، فالحرمة مترتّبة على عدم الوجوب المقدّمي.
ولا يخفى أنّا وإن كان الترتّب عندنا ممكنا واقعا إلّا أنّه لا بدّ أن يكون في متعلّقين لا في متعلّق واحد ، فإنّ المقام من قبيل الثاني ؛ إذ ترك الصلاة متعلّق واحد للحرمة على تقدير عدم الإيصال ، والوجوب على تقدير الإيصال ، وهذا لا يمكن تحقّق الترتّب فيه للزوم اللغوية ؛ إذ لا معنى لقوله : وإن عصيت أمر المقدّمة فالمقدّمة محرّمة ؛ لأنّها تؤول إلى أنّه إن لم تأت بالمقدّمة فلا تأت بالمقدّمة وهو طلب الحاصل كما يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
ومن هنا عدل الميرزا النائيني قدسسره (١) فجعل المترتّب عليه ترك الواجب النفسي لا الغيري ، وهذا هو التقريب الثاني وملخّصه : أنّ المقدّمة إذا أوصلت تكون واجبة وإذا لم يؤت بالواجب النفسي تكون الحرمة حينئذ مترتّبة ، فالحرمة مترتّبة على عصيان الأمر بالواجب النفسي فالترتّب بين متعلّقين لا واحد كما في التقريب الأوّل.
ولا يخفى عدم تماميّة المقدّمة الاولى ؛ إذ قد تقدّم في مبحث التوصّلي والتعبّدي استحالة الإهمال في الواقعيّات بل في كلّ حكم بالإضافة إلى حاكمه ، فكلّ حاكم لا بدّ أن يكون عالما بموضوع حكمه واقعا ، نعم في مرحلة الإثبات يمكن الإهمال ، ومرّ أيضا أنّ استحالة التقييد بخصوص الموصلة يوجب ضرورية الإطلاق أو التقييد بغير الموصلة ، وحيث إنّ تقييد الوجوب بخصوص غير الموصلة محال فلا بدّ من القول بوجوب مطلق المقدّمة كما مرّ ، وإنّ ما ذكره من كون تقابل العدم والملكة لازمه أنّ استحالة أحدهما تستدعي استحالة الآخر غير صحيح ، بل قد يستدعي ضروريّة الآخر كما في العلم والجهل ؛ فإنّ علمنا بذات الحقّ محال فجهلنا ضروري
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٣٥٢ ـ ٣٥٣ و ٢ : ١٠٧.