الثمرة الثانية : فيما لو كان هناك واجبان : أحدهما موسّع كصلاة الظهر عند الزوال ، والآخر مضيّق كصلاة الكسوف في آخر وقت الكسوف الذي هو أوّل الظهر ، فإن اكتفينا بالملاك فلا تظهر ثمرة أصلا ، وإن اعتبرنا الأمر في صحّة العبادة. فإن قلنا بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه فلا ريب في توجّه النهي إلى صلاة الظهر في المثال فتقع فاسدة ؛ لخروج الفرد المنهيّ عنه عن إطلاق الأمر أو عمومه ؛ لاستحالة اجتماع الأمر والنهي وإن كان النهي غيريّا. وإن قلنا بعدم الاقتضاء فهذا الفرد من صلاة الظهر وهو المزاحم بصلاة الكسوف غير مأمور به بخصوصه كغيره من الأفراد الغير المزاحم ، ضرورة أنّ الأمر بصلاة الظهر أمر بصرف الوجود وهو الطبيعة ، وكفاية الفرد في مقام الامتثال لانطباق عنوان المأمور به عليه لا أنّه هو المأمور به ، وهذا الانطباق قهري فيصحّ الإتيان بهذا الفرد بداعي الأمر بالطبيعة ، فما هو المأمور به وهو الطبيعة غير مزاحمة ، وما هو مزاحم وهو الفرد غير مأمور به بخصوصيّاته ، وحينئذ فإن لم ينه عن الفرد فالإتيان به يوجب انطباق الطبيعة عليه قهرا فيكون الفرد من صلاة الظهر في المثال صحيحا.
وحينئذ فقد ظهرت لهذا البحث ثمرة مهمّة وهو فساد العمل على القول بالاقتضاء وعدم كفاية الملاك أو عدم إحرازه ، وصحّة العمل بناء على عدم الاقتضاء ، وهي ثمرة شريفة ذكرها المحقّق الثاني (١) وأوضحها بعض الأعاظم (٢) ، وبمثل هذا التحقيق منح بلقب المحقّق الثاني.
وقد أورد على المحقّق الثاني بامور :
الأوّل : أنّ توجّه الأمر إلى الطبيعة المهملة لا يعقل ؛ لأنّ الطبيعة من حيث هي ليست إلّا هي ، فلا ينفكّ توجّه الأمر إلى الطبيعة بلحاظ خصوصيّتها المزاحمة من
__________________
(١) انظر جامع المقاصد ٥ : ١٤.
(٢) انظر هداية المسترشدين ٢ : ٢٦٩ وما بعدها ، والفصول : ٩٥ ـ ٩٧ ، والقوانين ١ : ١١٦.