ثمّ إنّ الميرزا النائيني قدسسره (١) ذكر إشكالا على المحقّق الثاني وهو : أنّ التكليف إذا كان بالطبيعة فالطبيعة بما هي مأمور بها لا تنطبق على الفرد المذكور ؛ لاستحالة تحريك المولى نحو الأمر الممتنع شرعا ؛ لعدم القدرة عليه. فنفس التكليف بذاته يقتضي مقدوريّة متعلّقه ، فإذا لم يكن مقدورا لا يشمله الأمر بالطبيعة. نعم لو كان اعتبار القدرة في متعلّق التكليف من جهة حكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق تمّ ما ذكره المحقّق الثاني ، إلّا أنّ اعتبار القدرة من ذات التكليف ، فالاستناد في اعتبار القدرة إلى التكليف أمر ذاتي وهو سابق على الاستناد إلى حكم العقل بالقبح وهو أمر عرضي.
ثمّ إنّه أوضحه بأنّ الآمر إنّما يأمر بشيء ليحرّك عضلات العبد نحو ذلك الشيء بالإرادة والاختيار ليختار إيجاده بترجيح أحد طرفي الممكن ، وهذا هو بنفسه يقتضي أن يكون العمل ممّا يمكن التحرّك نحوه ، وبما أنّ هذا الفعل وهو صلاة الظهر منهيّ عنها فهي غير مقدورة فلا يشملها الأمر بالطبيعة ، فهو فرد من أفراد الطبيعة لكنّها لا بما هي مأمور بها ، فلا تنطبق الطبيعة بما هي مأمور بها عليها ليكون الإجزاء حينئذ عقليّا.
والجواب من وجوه :
أحدها : أنّ تسليم الصحّة التي ذكرها المحقّق الثاني إذا كانت القدرة بحكم العقل غير تامّ على ما يراه الميرزا نفسه من استحالة توجّه التكليف نحو الأمر المتأخّر على ما ذكره في الواجب التعليقي (٢) ؛ لأنّ صلاة الظهر في المثال المذكور وهو ما إذا كانت مزاحمة بصلاة كسوف مضيّقة ، فهذا الفرد المزاحم بالمضيّق لا أمر به حسب الفرض للمزاحمة ، وبقيّة الأفراد متأخّرة ولا يتوجّه التكليف الفعلي نحو الأمر المتأخّر على رأيه ، نعم يتمّ على ما اخترناه من صحّة ذلك.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٣.
(٢) انظر أجود التقريرات ١ : ٢٠١ ـ ٢٠٢.