الأخذ بها لمانع عقلي وهو توجّه النهي إلى المأمور به فلا مانع من الالتزام بالدلالة الالتزاميّة ؛ لعدم المزاحم لها.
وما ذكره الميرزا قدسسره من كون المصلحة قائمة بالطبيعة وأنّ اعتبار القدرة في رتبة الطلب ، فلا يكون عدم القدرة كاشفا عن عدم الملاك ؛ إذ ليس في رتبته ، الظاهر ـ والله العالم ـ رجوعه إليه.
والجواب : أنّ الدلالة الالتزاميّة تابعة للدلالة المطابقيّة ثبوتا وحجّيّة ، فإذا لم تكن الدلالة المطابقيّة حجّة لا تكون الدلالة الالتزاميّة حجّة أيضا. وتوضيحه بذكر مثاله : مثلا إذا كان درهم تحت يد زيد فقامت البيّنة على أنّ الدرهم لعمرو فالبيّنة لها دلالتان ، إحداهما مطابقيّة وهو كون الدرهم لعمرو ، [و] الثانية التزاميّة وهو أنّه ليس لزيد ، فلو اعترف عمرو بأنّ الدرهم ليس له ففي المقام لا قائل بأنّ الإقرار يعارض الدلالة المطابقيّة ولا يرفع الدلالة الالتزاميّة وهو عدم كونه لزيد ، فيؤخذ الدرهم من زيد ويعامل معاملة مجهول المالك. ومقتضى ما ذكر من أنّ سقوط الدلالة المطابقيّة لا يقتضي سقوط الدلالة الالتزاميّة ذلك. وأمثلة ذلك لا تحصى.
والسرّ في ذلك أنّ اللازم إنّما هو لازم خصوص ذلك المعنى لا مطلق ذلك الشيء ، فاللازم في المثال هو عدم ملكيّة زيد الملازمة لملكيّة عمرو لا عدم ملكيّة زيد مطلقا ؛ فإنّ المخبر عن النار يخبر عن حرارة النار لا عن مطلق الحرارة لتبقى بواسطة الشمس والحركة وما شابههما ، وكذا من أخبر بولوغ الكلب في الإناء إنّما يخبر بالنجاسة المستندة إلى الولوغ أمّا نجاسة اخرى فلا يخبر عنها ؛ ولذا لو انكشف خطأ المخبر يحكم بطهارته ولا يعتنى باحتمال نجاسة اخرى.
هذا ، وتطبيق ذلك فيما نحن فيه أن يقال إنّ الأمر دالّ على الملاك الذي يكون باعثا إلى تحقّقه خارجا ، فإذا لم يتحقّق الأمر في الخارج بقصور شمول الإطلاق أو العموم له لفرض أهميّة غيره في ذلك الوقت فيستحيل الأمر بالضدّين ، فالملاك الذي هو لازم الأمر انتفى بنفيه ، فمن أين يجيء حينئذ الملاك؟ فالحقّ أنّ الملاك لازم لتحقّق الأمر ولا سبيل إلى إحرازه غيره ، فإذا انتفى فلا سبيل إلى إحرازه.