أقول : أمّا تطبيق تلك القاعدة الكلّية على هذا المورد فقد عرفت أنّه ليس بصحيح وأنّ المقام من مقامات باب التعارض لا التزاحم. وأمّا المسألة فهي غير منصوصة ، فإنّ التيمّم لضيق الوقت لم يرد نصّ به ، فإن قلنا بمقالة الشيخ حسين قدسسره (١) الذي هو من أساطين الأخباريّين إنه لا يشرّع التيمّم للضيق كلّية ؛ لأنّ المسوّغ للتيمّم عدم الوجدان وهذا واجد فلا كلام حينئذ في أنّه يتوضّأ أو يغتسل ويصلّي وإن أدرك ركعة من الوقت. وإن سوّغنا التيمّم للضيق كما هو المشهور بدعوى كون المراد من عدم الوجدان في الآية عدم القدرة بقرينة ذكر المريض الذي يندر فقد الماء عنده حينئذ ، فيكون معنى الآية أنّ القادر يغتسل أو يتوضّأ والعاجز يتيمّم ، ثمّ نأتي إلى آية (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(٢) وتفسيرها الوارد عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام (٣) : أنّ الله فرض أربع صلوات ما بين هذين الحدّين وأنّ صلاة الظهر والعصر يلزم أن تقعا قبل غروب الشمس ، فإذا كان الوقت لا يسعهما يعني لا يسع الصلاة والطهارة المائيّة يكون عاجزا عن الطهارة المائيّة ، فيتيمّم حينئذ للصلاة لدخوله تحت عنوان غير المتمكّن الذي فرضت الآية الاولى عليه التيمّم ، فيتيمّم ويصلّي قبل خروج الوقت. وخبر من أدرك (٤) ليس له نظر إلى الأجزاء والشرائط وإلغائهما وإنّما هو متعرّض إلى أنّ الصلاة بتمام أجزائها وشرائطها إذا عرض عارض فأخّرت قهرا عليه بحيث أدرك ركعة فقد أدرك الوقت كلّه ؛ ولذا لو تيمّم وأدرك ركعة فقد أدرك الصلاة كلّها في الوقت بتنزيل الشارع المقدّس.
__________________
(١) هو الشيخ حسين آل عصفور كما صرّح به في دراسات في علم الاصول ٢ : ١٥.
(٢) الإسراء : ٧٨.
(٣) الوسائل ٣ : ١١٥ ، الباب ١٠ من أبواب المواقيت ، الحديث ٤.
(٤) قال الشهيد في الذكرى : روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ، الذكرى ٢ : ٣٥٥ ، راجع التهذيب ٢ : ٣٨ ، الحديث ١١٩.