الطريق ، ففي مثل المقام لا وجه لترجيح الحجّ ؛ لأنّه لا بدل له ؛ لأنّه إنّما يكون الحجّ ذا ملاك ملزم إذا استطاع إليه ، والاستطاعة موقوفة على تقدّمه ولا دليل عليه أصلا. هذا في أصل الكبرى التي ذكرها الميرزا النائيني قدسسره.
ولو سلّمنا صحّة الكبرى فتطبيقها على الصغرى التي ذكرها من مسألة : من عنده ماء ودار أمره بين الوضوء به وغسل ثوبه النجس به في غير محلّه ؛ لأنّ الأمر بالمركّب أمر بالصلاة مع الطهارة المائيّة بثوب طاهر ، وبما أنّ المكلّف المفروض غير قادر على صلاة جامعة للطهارة المائيّة وللثوب الطاهر فقطعا الأمر بالمركّب ساقط ؛ لقبح التكليف بما لا يطاق ، فالأوامر الضمنيّة بما أنّها تابعة للأمر بالمركّب فبذهابه ذهبت أيضا ، ولكنّ الحيرة الآن في أنّ الصلاة المجعولة في حقّه صلاة بطهارة مائيّة وثوب نجس أو صلاة بثوب طاهر وطهارة ترابيّة ، وحينئذ فالمقام من صغريات باب التعارض ؛ إذ الشكّ إنّما هو في المجعول شرعا وإنّه أيّ الفردين من الصلاة ، لا في باب التزاحم ؛ لعدم كون الشك في الامتثال.
هذا ، وسيأتي إن شاء الله أنّ دوران الأمر بين الركوع عن قيام بلا اطمينان مثلا أو الركوع من جلوس مع الاطمينان كلّه من باب التعارض ؛ للشكّ في مقام الجعل لا في مقام الامتثال ، فافهم.
ثمّ إنّ الميرزا النائيني قدسسره (١) طبّق ما ذكره من القاعدة الكلّية المزبورة وهي تقديم ما لا بدل له على ما له البدل على ما إذا دار أمر المكلّف بين الصلاة في الوقت مع التيمّم والصلاة مع الطهارة المائيّة بإدراك ركعة من الوقت ، فحكم الميرزا بتقديم الصلاة مع الطهارة الترابية في الوقت على الصلاة مع الطهارة المائيّة وإدراك ركعة من الوقت ، بدعوى أنّ الوقت لا بدل له وأنّ الطهارة المائيّة لها بدل. ثمّ نقل الميرزا عن بعض أنّ السيّد الشيرازي الكبير حكم بتقديم الطهارة المائيّة وإدراك الركعة ثمّ استبعد صدور ذلك منه.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ٤٩.