ولكن الظاهر خروج هذا القسم عن باب التزاحم ودخوله في باب التعارض ؛ لأنّ العلم بأنّ المال لا تجب فيه الزكاة مرّتين في حول واحد يوجب العلم بأنّ الجعل في المقام جعل لوجوب واحد مردّد بين الخمس شياه والبنت مخاض ؛ إذ لو كان الملاك موجودا في كلّ من الوجوبين لتحقّقا معا ، فالعلم بعدم تحقّقهما معا يدلّ على أنّ الجعل في مقام الثبوت واحد وإن تردّد بين أمرين ، نظير وجوب الظهر أو الجمعة في يومها.
وإذا علم أنّهما من قبيل المتعارضين فهل يرجع إلى مرجّحات باب المعارضة؟
المشهور كما عن الجواهر (١) تقديم زكاة النصاب الأوّل ، لا لأنّهما متزاحمان والعبرة بأسبقهما زمانا ، بل لأنّهما متعارضان ، ولكن تقديم أدلّة النصاب الأوّل لحكومتها على أدلّة النصاب الثاني فيخرج المورد عن موضوع وجوب زكاة نصاب الستّ والعشرين.
بيان ذلك : أنّ العلم بعدم وجوب زكاة المال الذي وجبت فيه الزكاة تقيّد أو تخصّص إطلاق أو عموم دليل وجوب بنت المخاض بما إذا لم تجب فيه الزكاة ، وحينئذ فبمجرّد تماميّة حول الخمس وعشرين تحقّق مصداق حول خمس وعشرين من الإبل وهي خمس شياه ، فإذا تمّ حول الستّ والعشرين لا يتحقّق موضوع وجوب زكاة الستّ والعشرين ؛ لأنّ موضوعها المال الذي لم تجب فيه الزكاة في ذاك الحول وقد وجبت في بعضه وهو الخمس وعشرين حسب الفرض ، وهذا متين وهو ظاهر.
فتلخّص أنّ أقسام التزاحم ثلاثة : تزاحم الواجبين وهو القسم الأوّل ، وتزاحم الواجب والحرام من جهة الملازمة وهو القسم الثاني ، أو من جهة المقدّميّة وهو القسم الثالث ، فيقع الكلام الآن وقد فرغنا من أقسام التزاحم في إمكان الترتّب في كلّ من هذه الأقسام الثلاثة الأوّل فالأوّل وعدم الإمكان ، ويقع الكلام الآن في الأوّل.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥٣.