الرابع : ما إذا كان فعل الواجب ملازما لفعل حرام من باب الاتّفاق ، لما تقدّم من أنّه لو كان التلازم دائميّا دخل في التعارض ، مثال ذلك ما إذا كان استقبال القبلة واجبا ، واستدبار الجدي حراما ففي مكّة مثلا لا ملازمة بينهما ، وفي اليمن كذلك وفي كثير من أقطار الأرض يمكن أن يؤتى بالواجب ويترك المحرّم ، ولكنّه في العراق لا يمكن ذلك فيقع التزاحم بين فعل الواجب وترك الحرام.
الخامس : مورد اجتماع الأمر والنهي فإنّا إن قلنا بامتناع الاجتماع ـ إمّا لكون الفعل الخارجي حقيقة واحدة كما ذهب إليه صاحب الكفاية (١) ، أو لكونه حقيقتين لكنّ الأمر يسري إلى متعلّق النهي وبالعكس ـ فهما من باب التعارض لا التزاحم ، وإن قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي ـ لأنّهما حقيقتان ولا سراية ـ فهما متزاحمان.
أقول : إن فرض تحقّق المندوحة فلا تزاحم ؛ لإمكان الصلاة في غير الدار المغصوبة فيفعل الواجب ويترك الحرام ، وإن فرض عدم المندوحة كان من باب التزاحم إلّا أنّه ليس خارجا عن المتلازمين اتّفاقا.
السادس : ما إذا كان التزاحم من غير جهة القدرة ، وقد ذكر الميرزا قدسسره (٢) أنّ هذا القسم نادر التحقّق وأنّه لم يجد له مثالا إلّا واحدا ، هو ما إذا ملك خمسا وعشرين من الإبل في أوّل محرّم الحرام ثمّ في رجب ملك ناقة اخرى ثمّ بقي حتّى عاد رجب ثانيا فبما أنّ حول الخمس وعشرين قد تمّ فعليه خمس شياه ، وبما أنّ حول الستّة والعشرين قد تمّ أيضا فعليه بنت مخاض من الإبل ، وبما أنّا نعلم أنّ المال الواحد لا يزكّى في العام الواحد مرّتين فيقع التزاحم من غير جهة القدرة ؛ لأنّ المفروض قدرة المكلّف على تسليم الشياه وبنت المخاض معا.
__________________
(١) انظر الكفاية : ١٨٤ و ١٩٤ ـ ١٩٥.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٥٣.