في المقام ؛ وذلك لأنّ المشروط بالقدرة الشرعيّة إنّما هو الوضوء للصلاة ، أمّا الوضوء لبقيّة الغايات أو لاستحبابه النفسي فغير مشروط إلّا بالقدرة العقليّة ، وهذا معنى قولنا في التعليقة : «وللصحّة وجه حتّى على القول بوجوب صرف الماء في رفع الخبث» فافهم.
وينفتح من هذا الباب أبواب كثيرة :
منها : عدم وجوب الحجّ عليه ؛ لعدم الاستطاعة إذا كان مدينا بدين حالّ يقتضيه صاحبه ، وإن عصى بترك الأداء ؛ لفقد الاستطاعة شرعا ؛ لوجوب صرفه في أداء الدين ، ولكن يمكن أن يقال إنّ هذا الكلام ذكره الميرزا النائيني قدسسره (١) بناء على ما فهمه المشهور من الاستطاعة في آية الحجّ وإنّ المراد بها القدرة الشرعيّة والعقليّة ، وهذا الشخص ليس بقادر شرعا ؛ لوجوب صرف المال في أداء الدين فلا يكون قادرا على الحجّ ، ولكن الاستطاعة مفسّرة في الأخبار بالزاد والراحلة أو ثمنهما (٢) ، وهذا الشخص واجد لثمنهما فيتزاحم وجوب الحجّ ووجوب أداء الدين فيقدّم الدين لأهمّيته ؛ لكونه حقّ الناس ، فإذا لم يؤدّ الدين عصيانا وجب عليه الحجّ حينئذ ؛ لعدم ارتفاعه في غير صورة أداء الحجّ. على أنّا لو فسّرنا الاستطاعة في الآية بالقدرة الشرعيّة فلا تكون مرتفعة ؛ لأنّ الأمر بالدين لا يقتضي النهي عن الحجّ الذي هو ضدّه كما تقدّم.
ومنها : عدم وجوب الخمس في أرباح المكاسب إذا كان مدينا كما تقدّم بقدر الأرباح ؛ لوجوب صرفها في الدين الحال ، وكذا إذا لم يؤدّ إلى الزوجة نفقتها عصيانا بخلاف الوالدين أو الولد فإنّه لو عصى وجب الخمس والحجّ ، ثمّ لو كان عليه ديون من السنين السابقة فهل يخرجها من أرباح هذه السنة فلا خمس قبل إخراجها
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ٧٨.
(٢) انظر الوسائل ٨ : ٢١ ، الباب ٨ من أبواب وجوب الحجّ.