ضرورة أنّه عند ترك الحركة ساكن لا محالة ، فيكون قوله : إن لم تتحرّك فاسكن بمثابة إن سكنت فاسكن وهل هو إلّا طلب الحاصل؟ والمسألتان من هذا القبيل ، ضرورة أنّه إن لم يجهر يخفت وإن لم يقصّر يتمّ فيكون الطلب حينئذ طلبا للحاصل.
أقول : أمّا القصر والإتمام فليسا من قبيل ما ليس لهما ثالث لإمكان أن لا يقصر ولا يتمّ بأن يصلّي ثلاث ركع أو ثلاث ونصف.
ومع الغضّ عن هذا الجواب فالجواب العامّ للمسألتين أنّ المأمور به أوّلا الصلاة القصريّة والصلاة الجهريّة ، وحينئذ فضدّ الصلاة القصريّة الصلاة تماما وعدم الصلاة ، وضدّ الصلاة الجهريّة الصلاة الإخفاتيّة وعدم الصلاة ، وحينئذ فهما ضدّان لهما ثالث ، وحينئذ فيمكن أن يكون الأمر بالإتمام أو الجهر صارفا عن عدم الصلاة كلّية ، ومحرّكا نحو خصوص الإتمام والإخفاتيّة دون ترك الصلاة كلّية.
نعم ، لو كان أصل الصلاة أو القراءة مفروغا عن تحقّقها في الخارج وكان الكلام في الكيفيّات صحّ ما ذكره ، ولكنّه ليس كذلك ، فافهم.
الثالث من الامور التي ذكرها الميرزا النائيني قدسسره في نفي كون المسألتين من الترتّب هو : أنّ الترتّب هو أن يقيّد موضوع الأمر الثاني بعصيان الأوّل ، وفي المقام لا يمكن ذلك ؛ إذ المفروض كون المخاطب بالأمر الثاني [هو](١) الجاهل بالحكم ، والجاهل إن فرض عاصيا لأمر القصر صار عالما وخرج عن كونه جاهلا ، وهذا نظير ما ذكر في الناسي من أنّه لا يمكن توجّه الحكم نحوه بعنوان الناسي ؛ لأنّه لا داعوية له للناسي ؛ إذ لو لم يلتفت إليه فلا داعوية فيه له ، وإن التفت إليه خرج عن كونه ناسيا ، والسرّ أنّ داعوية كلّ أمر فرع وصوله والالتفات إليه ، فإذا لم يلتفت إليه فلا داعوية له.
أقول : ما ذكره قدسسره متين إن كان الأمر الثاني مقيّدا بعصيان الأمر الأوّل ولكن لا ملزم لذلك ، بل إنّ الأمر الثاني مقيّد بترك القصر مثلا أو الجهر مثلا ، أمّا أنّ الترك يلزم أن يكون عصيانا فلا مقتضي له ؛ ضرورة أنّ طلب الضدّين يرتفع بالتقييد
__________________
(١) أضفناه لاقتضاء السياق.