أقول : لا أظنّ أحدا يختار أنّ التشخّص سابق على الوجود ، لوضوح بطلانه فكيف يكون مبنى لهذه المسألة التي قام النزاع فيها على قدم وساق؟ فليس هذا مبنى لهذه المسألة.
ويمكن أن يكون مبنى هذه المسألة ما تقدّم في مبحث الضدّ : من أنّ اللوازم بحسب الوجود لشيء يلزم أن تكون محكومة بحكمه أم اللازم أن لا تكون محكومة بخلاف حكمه؟ فعلى الأوّل فالأمر متعلّق بالأفراد ، وعلى الثاني بالطبائع.
بيان ذلك : أنّ الموجود في الخارج لا بدّ من أن يتشخّص ويحصل في ضمن مشخّصات ـ من زمان أو مكان أو غيرها ـ وهذه يعبّر عنها بالعوارض مسامحة ، وإلّا فهي كلّيات أيضا إلّا أنّها على البدل. فإن قلنا بأن الأمر بالشيء أمر بلوازمه فالأمر متعلّق بالفرد ، وإن لم نقل بذلك بل قلنا بأنّ الأمر بالشيء لا يكون أمرا بلوازمه بل يلزم أن لا تحكم اللوازم بخلاف حكمه فالأمر متعلّق بالطبائع. وهذا المبنى الأخير أقرب المباني لهذه المسألة ، وسيأتي بيان ثمرة هذه المسألة في مبحث اجتماع الأمر والنهي ، فافهم وتأمّل.
وكيف كان ، فالظاهر أنّ الأمر متعلّق بالطبائع دون الأفراد ؛ لأنّ الأمر مشتمل على مادّة مفادها الطبيعة ، وهيئة مفادها الطلب بالالتزام ، ولا مقتضى للعدول عن ظاهر الأمر.