وثانيا : أنّا قد ذكرنا أيضا أنّ المدلول بالدلالة الالتزامية تابع للدلالة المطابقيّة في الثبوت والسقوط ، فإذا كان المدلول المطابقي قد نسخ وهو الوجوب فكيف يبقى المدلول الالتزامي؟ وقد مرّ الكلام في ذلك مفصّلا.
فتلخّص أنّ الأدلّة الاجتهاديّة لا تقتضي ثبوت الإباحة بعد نسخ الوجوب لا بالمعنى الأخصّ ولا بالمعنى الأعمّ.
فيبقى الكلام في جريان الاصول في إثبات الإباحة ، فإنّه قد يقال : إنّ الإباحة كانت قبل نسخ الوجوب فتستصحب. والظاهر عدم جريان الاستصحاب إلّا على القول بجريانه في القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلّي فإنّ الإباحة السابقة كانت في ضمن الوجوب وقد ارتفعت بارتفاعه ، وهذه الإباحة على تقدير تحقّقها فهي فرد آخر في ضمن حكم آخر ، وليست الأحكام من قبيل مراتب السواد والبياض المستتبعة لعدّ الباقي من مراتب السابق وأنّه هو هو عرفا.