كلّ منهما؟ زعم الميرزا النائيني قدسسره ذلك بدعوى كون كلّ منهما واجدا ، وقد علّق الانتقاض بالوجدان المتحقّق في المقام في قوله عليهالسلام : ما لم يحدث أو يجد ماء (١) ، وإنّ بطلان الوضوء ليس فيه تزاحم وإنّما التزاحم في الحكم وهو وجوب الوضوء ففيه يتحقّق التزاحم (٢).
أقول : لا يخفى أنّ مفاد قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا)(٣) يستفاد منه أنّ القادر على استعمال الماء يجب عليه الوضوء ويبطل تيمّمه ، وأمّا غير القادر فيجب عليه التيمّم ، وحينئذ فالمتيمّمان إذا كان كلّ منهما إذا أراد استعمال الماء لا يمنعه الآخر وكذلك الثاني. فكلّ منهما قادر على استعمال الماء وأهملا ؛ إذ إنّ كلّا منهما على البدل قادر على استعمال الماء بغير مانع ؛ إذ المفروض أنّ الثاني لا يزاحمه. فلو مضت عليهما مدّة يمكنهما فيها الوضوء ، وهما على هذا الحال فقد انتقض تيمّمهما ووجب الوضوء عليهما بدلا ، فإذا استعمل بعد ذلك أحدهما الماء انعدم موضوع الماء للآخر فيجب عليه التيمّم ثانيا ؛ لأنّ تيمّمه السابق قد انتقض بالقدرة.
وإن كانا متزاحمين على استعمال الماء بحيث إنّ كلّا منهما مزاحم للآخر فلو غلب أحدهما ـ لقوّته مثلا ـ انتقض تيمّمه فيجب عليه الوضوء لوجدانه الماء حينئذ ، ويبقى تيمّم الثاني لانكشاف عدم كونه واجدا من أوّل الأمر ، وإنّما كان تخيّل وجدان. فانكشف أنّ بطلان التيمّم ملازم لوجوب الوضوء وبقاء التيمّم مساوق لعدم وجوب الوضوء وإنّهما لا يفترقان ، هذا تمام الكلام في الفرع.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٩٩٠ ، الباب ٢٠ من أبواب التيمّم.
(٢) انظر أجود التقريرات ١ : ٢٧٤.
(٣) النساء : ٤٣ ، والمائدة : ٦.