وبعين الكلام يتمّ في الأفراد التدريجيّة أيضا ، وهذا هو مفاد قولهم : إنّ النهي مفيد للعموم.
وما ذكره الميرزا النائيني في الأفراد التدريجيّة : من أنّ انتراك الأفراد في بعض الأزمان متحقّق ، فلا يكون النهي حينئذ إلّا لغوا لو اريد به تركه في بعض الأزمان (١) فيمكن المناقشة فيه بأنّه يمكن ارتفاع اللغويّة بإرادة الترك في يوم مثلا أو شهر فلما ذا نلتزم بلزوم تركه إلى الآخر؟
ثمّ إنّه بهذه القرينة المذكورة يستفاد أنّ المتعلّق في النهي إذا وجد مرّة عصيانا فلا يرتفع النهي عن بقيّة الأفراد ؛ لأنّ النهي حيث كان مأخوذا بنحو الطبيعة السارية في أفراد المتعلّق ، فكلّ فرد منها يكون منهيّا عنه بانحلال النهي إلى تمام الأفراد ، فكلّ فرد له امتثال خاصّ وعصيان خاصّ لا ربط له في ذلك ببقيّة الأفراد ، وإطلاق المتعلّق بالإضافة إلى أفراده مسلّم.
ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره في الكفاية : من لزوم كون الطبيعة مطلقة بالإضافة إلى حال العصيان أيضا ، وأنّه لا يكفي إطلاقها من سائر الجهات (٢) غير محتاج إليه ، بل يكفينا إطلاق المتعلّق من حيث الأفراد ، هذا تمام الكلام في مبحث النهي من حيث كونه نهيا.
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٢٢ ـ ٢٣.
(٢) كفاية الاصول : ١٨٣.