نعم ، على تقدير القول بالامتناع وقدّمنا جانب النهي كان المنهيّ عنه من صغريات تلك المسائل.
الثاني : في أنّ هذه المسألة اصوليّة أو فرعيّة أو كلاميّة أو من المبادئ التصديقية أم من المبادئ الأحكامية؟ ذهب صاحب الكفاية إلى كونها اصوليّة وإن وجدت فيها هذه الجهات بأسرها (١) ، والظاهر أنّها لا تصحّ إلّا أن تكون مسألة اصوليّة وليس فيها جهات غيرها.
أمّا عدم كونها فرعيّة فلأنّ البحث في المقام إنّما هو عن اجتماع حكمين في موضوع واحد وعدمه ، وصحّة العبادة وفسادها من ثمراته وليس البحث عنه.
وأمّا عدم كونها كلاميّة فلأن ليس كلّ مسألة عقليّة كلاميّة وإن كان كلّ مسألة كلاميّة عقليّة وهو واضح.
وأمّا عدم كونها من المبادي التصديقيّة وإن أصرّ عليه الميرزا النائيني قدسسره بدعوى أنّ القول بعدم جواز الاجتماع يحقّق موضوع باب التعارض فلا بدّ من رفع اليد عن أحد الإطلاقين فهو وإن كان صحيحا إلّا أنّ ملاحظة أنّه لو بنى على الجواز صح العمل تصحّح كونها مسألة اصولية ويكفي فيها ترتّب استنباط الحكم الشرعي على أحد طرفيها كما سيأتي.
وأمّا عدم كونها من المبادي الأحكاميّة ، والمراد بالمبادئ الأحكاميّة لوازم الحكم من حيث هو حكم ومقتضياته مع قطع النظر عن الحاكم ككون وجوب الشيء مقتضيا لوجوب مقدّمته أم لا مثلا فيتكلم هنا في أنّ الأمر يستلزم عدم النهي أم لا فهو وإن أمكن ذلك إلّا أنّ البحث ليس عن الاستلزام وعدمه ، بل عن نفس اجتماع الحكمين وعدمه مضافا إلى أنّا لا نعقل المبادئ الأحكامية ؛ لعدم خروجها عن المبادئ التصوريّة أو التصديقيّة.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٨٥.