والمنهيّ عنه انتزاعيّا ينظر إلى منشأ الانتزاع ، فإن كان هو عين المأمور به فلا بدّ من القول بالامتناع ، كما إذا أمره بالقيام ونهاه عن إكرام زيد الذي هو منتزع من القيام له ومن ابتدائه بالتحيّة ومن تصبيحه بالخير ومن سؤال أحواله ومن إعطائه مالا إلّا أنّ هذا المكلّف احترمه بإكرامه بالقيام فالمنشأ هو القيام فلا بدّ من القول بالامتناع ، فإنّ تعدّد العنوان لا يوجب تعدّد المعنون ولا تنثلم به وحدته كما ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١).
فما ذكره الميرزا النائيني قدسسره (٢) من أنّ المأمور به قد يتفرّد عن المنهيّ عنه وقد يجتمع معه ، كما أنّ المأمور به كذلك لا يرفع وحدته الخارجيّة الحقيقيّة أصلا.
نعم ، حيث لا يكون منشأ الانتزاع منطبقا ومتّحدا مع المأمور به ، بل كان منضمّا إليه كما إذا كان قائما بالقيام المأمور به فأكرم زيدا بالتحيّة ، فحيث إنّ التحيّة غير القيام حقيقة ، وليس بمتّحد معها حقيقة أيضا لا مانع من الاجتماع الذي هو في الحقيقة ليس اجتماعا. ومن هنا إذا أمر بالصلاة ونهى عن التصرّف في مال الغير بغير إذنه إلّا أنّ الصلاة المأمور بها إيمائيّة ـ لمرض مثلا ـ فصلّى في الأرض المغصوبة لا مانع من صحّة الصلاة ؛ لأنّ الصلاة بهذه الكيفيّة ليست تصرّفا ، وليس الإيماء باعتبار اقتضائه تموّج الهواء عرفا تصرّفا. بخلاف ما إذا كانت الصلاة بركوع وسجود فإنّ الاعتماد في السجود من مقولة الفعل ، وهو منشأ انتزاع التصرّف المنهيّ عنه ، ومأخوذ في مفهوم السجود المأمور به ، فلا بدّ من القول حينئذ ببطلان الصلاة ؛ لاتّحاد المأمور به مع المنهيّ عنه حقيقة في اعتماد السجود. وكذلك الهويّ إلى السجود والنهوض إلى القيام إن قلنا بجزئيّتهما للصلاة ، وإن قلنا بخروجهما عنها وكونهما مقدّمة ـ كما هو الظاهر لاستحالة الطفرة ـ فلا مانع من كون المقدّمة محرّمة إذا لم تكن منحصرة ، ولا أمر بها شرعا ؛ لعدم كونها جزءا.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٩٣.
(٢) انظر أجود التقريرات ٢ : ١٥٨.