والجواب : أنّ هذه الكبرى غير مسلّمة ، فإنّ الأمر في مثالي النذر والإجارة من واد واحد ، وأنّ متعلّق كلّ منهما عين متعلّق الآخر وأنّهما عرضيّان. وأيضا لو سلّم أمر الكبرى فكون المورد من مصاديقها غير مسلّم.
أمّا الكبرى فإنّ في الإجارة ثلاثة أوامر :
أحدها : المتوجّه إلى المنوب عنه.
الثاني : المتوجّه إلى المنوب استحبابا ، فإنّ كلّ مستحبّ يستحب أن يؤتى به نيابة عن جميع المؤمنين ؛ لأنّه إحسان محض إليهم.
الثالث : الأمر المتوجّه إلى النائب من جهة الأمر الإجاري.
أمّا الأمر المتّجه إلى المنوب عنه فلا ربط له بالنائب ؛ إذ لا يعقل امتثال أمر متّجه إلى شخص من شخص آخر لم يخاطب بذاك الخطاب ، نعم الأمران المتوجّهان إلى النائب اللذان أحدهما استحبابي والآخر إلزامي وجوبي عرضيّان ، وهما من قبيل الأمر النذري ؛ إذ متعلّق كلّ منهما عين متعلّق الآخر ، وأحدهما تعبّدي وهو الاستحبابي والآخر توصّلي وهو وجوب الوفاء بالعقد ، فيتحقّق حينئذ الاندكاك والسراية من كلّ منهما إلى الآخر ، كما قرّرناه في النذر ، هذا ما كان من أمر الكبرى.
وأمّا الصغرى فلو سلّمنا ما ذكره قدسسره : من كون الأمر الإيجاري في طول الأمر الثاني لا في عرضه ، فكون المقام ـ وهو الكراهة في العبادة في القسم الثالث ـ من صغريات هذه الكبرى ممنوع.
بيان ذلك : أنّ الأمر المتوجّه إلى صوم يوم عاشوراء لم يتعلّق بذات العمل حتّى على مسلكه قدسسره فإنّ قصد القربة مأمور به شرعا بمتمّم الجعل على ما ذكره قدسسره وبنفس الأمر المتوجّه للعبادة على ما اخترناه ، فقصد التقرّب والامتثال ممّا تعلّق به الأمر الشرعي والنهي قد تعلّق بالتقرّب بالصوم إلى الله تعالى ، فمتعلّق كلّ منهما عين متعلّق الآخر ، فالصحيح في الجواب ما ذكرنا من جواب الشيخ الأنصاري قدسسره (١).
__________________
(١) انظر مطارح الأنظار ١ : ٦٤٥ ـ ٦٤٦.