والجواب : أنّ الأمر إذا كان مطلقا ففيه الترخيص في تطبيق الواجب على كلّ فرد فرد ، وهذا الحكم شمولي وهو لا يجتمع مع الحكم الشمولي بالتحريم ؛ إذ الترخيص في التطبيق مع التحريم لا يجتمعان ، فالباب باب التعارض لا باب التزاحم. مضافا إلى ما تقدّم من عدم أقوائيّة العموم الشمولي على البدلي إذا كان كلّ منهما بمقدّمات الحكمة ، نعم يتمّ تقديم ما كانت دلالته بالوضع ؛ لكونه بيانا رافعا لإطلاق الثاني الذي من جملة مقدّماته عدم البيان ، فافهم.
نعم ، في خصوص مثال «صلّ ولا تغصب» يتقدّم «لا تغصب» لأنّ له شبه الحكومة على العناوين الأوّليّة ، فيصير مفاد العناوين الأوّليّة تحقّق الحكم لها لو لا الغصب فإنّ النسبة بين «لا تغصب» وبين جميع الواجبات والمستحبّات العموم من وجه بل والمباحات أيضا ، والفهم العرفي يرى أنّ «لا تغصب» لها شبه الحكومة على جميع الواجبات والمستحبّات والمباحات ، فهي واجبة ومستحبّة ومباحة حيث لا غصب.
الثاني من وجوه ترجيح النهي ما قيل : من أنّ دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة (١).
وفيه ـ مع أنّه ليس لسان رواية لنتعبّد بها ، ولا هي مساعدة للاعتبار فإنّ المصالح كالمفاسد مختلفة ضعفا وأهمّية فلا يكون هذا معيارا ، مضافا إلى ما نراه من العقلاء من تحمّل الأخطار العظيمة لبعض المصالح كما هو معلوم ـ أنّ هذه القاعدة حيث يكون الفعل ذا مصلحة ومفسدة فيدور الأمر بينهما كما في باب التزاحم ، وفي المقام ، المجعول إمّا المصلحة أو المفسدة ، لأنّه باب التعارض كما مرّ.
الثالث من وجوه الترجيح : الاستقراء ، بالحائض في زماني الاستظهار ، ومن عنده الماء المشتبه ، حيث امرت الاولى بترك الصلاة والثاني بالتيمّم.
__________________
(١) انظر الفصول : ١٢٧ ، والقوانين ١ : ١٥٣.