الأوّل أو الثاني ويشكّ في ارتفاع تلك النجاسة ، فيكون استصحاب تلك النجاسة في ذلك الزمان المعيّن محكّما بخلاف ما لو كان الماء الثاني كثيرا فإنّه بمجرّد المماسّة لا يعلم التنجيس ؛ لاحتمال كون الأوّل هو النجس فقد طهر البدن حينئذ فلا علم له بالنجاسة ، فيجري استصحاب الطهارة اليقينيّة واستصحاب النجاسة اليقينيّة بناء على عدم اعتبار اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين فيتعارضان ويتساقطان فيرجع إلى أصالة الطهارة ، أو لا يجري الاستصحابان الكلّيان من حيث الزمان ، لعدم تعيّنه بناء على اعتبار اتّصال زمن الشكّ زمن اليقين كما ذهب إليه الآخوند قدسسره (١) فيرجع إلى أصالة الطهارة في البدن.
أقول : الظاهر أنّ الأمر بالإهراق بالنسبة إلى الإناءين تعبّد محض لإمكان تحصيل صلاة بطهارة حقيقيّة معلومة ، كما لو توضّأ بأحد الإناءين وصلّى ثمّ غسل أعضائه بالإناء الثاني وتوضّأ وصلّى فهو يعلم حينئذ بوقوع صلاة صحيحة بطهارة صحيحة قطعا ، غاية الأمر أنّها غير معيّنة عنده وهذا لا يضرّ ؛ لأنّ الإخلال بالنيّة الجزميّة غير مضرّ قطعا كما في الصلاة في الثوبين المعلوم نجاسة أحدهما أو إلى جهتين يعلم بكون القبلة إحداهما أو بمسجدين يعلم نجاسة أحدهما. وحينئذ فالأمر بالإهراق وتعيين التيمّم عليه تعبّد محض. كما أنّ ما ذكره الآخوند قدسسره : من جريان استصحاب النجاسة حيث يكون الإناء الثاني قليلا دون ما إذا كان كثيرا أيضا (٢) مبنيّ على مبناه من اعتبار اتّصال زمن الشكّ بزمن اليقين وهو متحقّق عند مماسّة الإناء القليل الثاني. وإلّا فبناء على ما اخترناه : من عدم الاعتبار وجريان الاستصحاب الكلّي من حيث الزمان ، ففيه أيضا يتعارض الاستصحابان ، فإنّ الطهارة الكلّية المتحقّقة لا مانع من جريان استصحابها ، وحينئذ فيتعارض
__________________
(١) انظر كفاية الأصول : ٢١٦ و ٤٨٦.
(٢) انظر المصدر المتقدّم.