الاستصحابان غير أنّ أحدهما شخصي من حيث الزمان ـ وهو النجاسة عند المماسّة للثاني ـ والثاني كلّي من حيث الزمان وعدم تشخّصه. كما أنّه بناء على هذا يجري كلا الاستصحابين حيث يكون الماء الثاني كثيرا أيضا ، ويتعارضان ويتساقطان.
وعلى كلّ حال ، فلا يرجع إلى أصالة الطهارة سواء كان الماء قليلا أم كثيرا ، للعلم الإجمالي بنجاسة بدنه عند إراقة الماء الثاني على وجهه ، إمّا لنجاسة رجله من مسح الوضوء الأوّل ، وإمّا لكون وجهه تنجّس الآن. نعم لو ارتمس مرّة واحدة حقيقيّة لا عرفيّة لا يكون له علم إجمالي حينئذ ، فافهم.
الأمر الثالث : ألحق الآخوند قدسسره في آخر أمر من لواحق اجتماع الأمر والنهي تعدّد الإضافات بتعدّد العنوانات في النزاع ، وذكر أنّ مثل «أكرم العلماء ، ولا تكرم الفسّاق» داخل في مسألة اجتماع الأمر والنهي من جهة أنّ الإكرام في المقام وإن كان واحدا إلّا أنّه بالإضافة إلى العالم غيره بالإضافة إلى الفاسق ، ثمّ استشكل في معاملة الفقهاء معه معاملة تعارض العموم من وجه ، وأجاب بأنّه لعلّه من جهة بنائهم على الامتناع أو اطّلاعهم على فقدان الملاك في أحدهما ، فيخرجان عن باب التزاحم الذي هو باب الاجتماع بنظره ويدخلان في باب التعارض (١).
ولا يخفى أنّ كلامه قدسسره مخدوش من جهات :
الاولى : توجيهه لعمل المشهور في مثل المثال معاملة التعارض بعدم الملاك ، فإنّهم لو أنّهم في مسألة أو مسألتين عملوا ذلك أمكن أن يكون ذلك لاطّلاعهم على عدم الملاك ، وأمّا إنّهم اطّلعوا على عدم الملاك في تمام الفقه حيث يتحقّق مثل هذا المثال فأمر مقطوع بعدمه.
الثانية : أنّ المثال ممّا لا يمكن أن يكون من أمثلة اجتماع الأمر والنهي لخصوصيّة فيه فإنّ «أكرم العلماء» ممّا ينحلّ إلى وجوبات متعدّدة بتعدّد الأفراد لمكان عمومه
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١٦ ـ ٢١٧.